التفسير المنير - الزحيلي
الناشر
دار الفكر (دمشق - سورية)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
مكان النشر
دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)
تصانيف
المخالفين أوامر الله ونواهيه.
أما رفع جبل الطور فوق اليهود كالمظلة: فكان إنذارا وإرهابا وتخويفا، وهذه الآية تفسر معنى قوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ﴾ [الأعراف ١٧١/ ٧] قال أبو عبيدة: المعنى زعزعناه فاستخرجناه من مكانه.
واختلف في الطور: فقيل عن ابن عباس: الطور: اسم للجبل الذي كلّم الله عليه موسى ﵇، وأنزل عليه فيه التوراة دون غيره. وقال مجاهد وقتادة: أي جبل كان.
وسبب رفع الطور: أن موسى ﵇ لما جاء بني إسرائيل من عند الله بالألواح فيها التوراة، قال لهم: خذوها والتزموها، فقالوا: لا! إلا أن يكلمنا الله بها كما كلمك، فصعقوا ثم أحيوا، فقال لهم: خذوها، فقالوا: لا. فأمر الله الملائكة فاقتلعت جبلا من جبال فلسطين طوله فرسخ (^١) في مثله، وكذلك كان عسكرهم، فجعل عليهم مثل الظّلة، وأتوا ببحر من خلفهم، ونار من قبل وجوههم، وقيل لهم: خذوها وعليكم الميثاق ألا تضيعوها، وإلا سقط عليكم الجبل. فسجدوا توبة لله، وأخذوا التوراة بالميثاق. قال الطبري عن بعض العلماء: لو أخذوها أول مرة لم يكن عليهم ميثاق (^٢). وكان سجودهم على شقّ، لأنهم كانوا يرقبون الجبل خوفا، فلما ﵏ قالوا: لا سجدة أفضل من سجدة تقبّلها الله ورحم بها عباده، فجعلوا سجودهم على شق واحد.
قال ابن عطية: والذي لا يصح سواه أن الله تعالى اخترع وقت سجودهم الإيمان في قلوبهم، لا أنهم آمنوا كرها، وقلوبهم غير مطمئنة بذلك.
(^١) الفرسخ: ٣ أميال أو ٥٥٤٤ م أو ١٢٠٠٠ خطوة. (^٢) تفسير الطبري: ٢٥٧/ ١
1 / 183