التفسير المنير - الزحيلي
الناشر
دار الفكر (دمشق - سورية)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
مكان النشر
دار الفكر المعاصر (بيروت - لبنان)
تصانيف
وغيبيات لا يستطيع العقل إدراكها، ببيان قاطع وبرهان ساطع، قال الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ، وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء ١٧٤/ ٤].
وسمّي فرقانا لأنه فرّق بين الحقّ والباطل، والإيمان والكفر، والخير والشّر، قال الله تعالى: ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان ١/ ٢٥].
كيفية نزول القرآن:
لم ينزل القرآن جملة واحدة، كما نزلت التوراة على موسى والإنجيل على عيسى ﵉، لئلا يثقل كاهل المكلفين بأحكامه، وإنما نزل على قلب النّبي الكريم ﷺ بالوحي بواسطة جبريل ﵇، منجّما أي مفرقا على وفق مقتضيات الظروف والحوادث والأحوال، أو جوابا للوقائع والمناسبات أو الأسئلة والاستفسارات.
فمن الأول: قوله تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة ٢٢١/ ٢]، نزلت في شأن مرثد الغنوي الذي أرسله النّبي ﷺ إلى مكة، ليحمل منها المستضعفين المسلمين، فأرادت امرأة مشركة اسمها (عناق) وكانت ذات مال وجمال، أن تتزوجه، فقبل بشرط موافقة النّبي ﷺ، فلما سأله نزلت الآية، ونزل معها آية ﴿وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا﴾ [البقرة ٢٢١/ ٢].
ومن الثاني: ﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى﴾ [البقرة ٢٢٠/ ٢]، و﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ [البقرة ٢٢٢/ ٢]، و﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ﴾ [النساء ١٢٧/ ٤]، و﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ﴾ [الأنفال ١/ ٨].
وقد بدأ نزوله في رمضان في ليلة القدر، قال الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، هُدىً لِلنّاسِ، وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ﴾
1 / 15