226

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري

محقق

محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]

الناشر

دار المعارف بمصر

رقم الإصدار

الثانية ١٣٨٧ هـ

سنة النشر

١٩٦٧ م

تصانيف

وَكَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ، فَقَالُوا: يَا صَالِحُ، ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا آيَةً نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَعَا صَالِحٌ رَبَّهُ، فَأَخْرَجَ لَهُمُ النَّاقَةَ فَكَانَ شِرْبُهَا يَوْمًا وَشِرْبُهُمْ يَوْمًا مَعْلُومًا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ شِرْبِهَا خَلَّوْا عنها وعن الماء، وحلبوها لبنا، ملئوا كُلَّ إِنَاءٍ وَوِعَاءٍ وَسِقَاءٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ شِرْبِهِمْ صَرَفُوهَا عَنِ الْمَاءِ وَلَمْ تَشْرَبْ مِنْهُ شَيْئًا، فَمَلَئُوا كُلَّ إِنَاءٍ وَوِعَاءٍ وَسِقَاءٍ، فَأَوْحَى اللَّهُ ﷿ إِلَى صَالِحٍ إِنَّ قَوْمَكَ سَيَعْقِرُونَ نَاقَتَكَ، فَقَالَ لَهُمْ، فَقَالُوا: مَا كُنَّا لِنَفْعَلَ، قَالَ: إِلا تَعْقِرُوهَا أَنْتُمْ أَوْشَكَ أَنْ يُولَدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ يَعْقِرُهَا، قَالُوا: مَا عَلامَةُ ذلك المولود؟ فو الله لا نَجِدُهُ إِلا قَتَلْنَاهُ، قَالَ: فَإِنَّهُ غُلامٌ أَشْقَرُ أَزْرَقُ أَصْهَبُ أَحْمَرُ، قَالَ: فَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ شَيْخَانِ عَزِيزَانِ مَنِيعَانِ، لأَحَدِهِمَا ابْنٌ يَرْغَبُ لَهُ عَنِ الْمَنَاكِحِ، وَلِلآخَرِ ابْنَةٌ لا يَجِدُ لها كفئا، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا مَجْلِسٌ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُزَوِّجَ ابْنَكَ؟ قَالَ: لا أَجِدُ لَهُ كُفْئًا، قَالَ: فَإِنَّ ابْنَتِي كُفْءٌ لَهُ، وانا ازوجك، فزوجه فَوُلِدَ مِنْهُمَا ذَلِكَ الْمَوْلُودُ.
وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ ثَمَانِيَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ، فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: إِنَّمَا يَعْقِرُهَا مَوْلُودٌ فِيكُمْ، اخْتَارُوا ثَمَانِيَ نِسْوَةً قَوَابِلَ مِنَ الْقَرْيَةِ، وَجَعَلُوا مَعَهُنَّ شُرَطًا كَانُوا يَطُوفُونَ فِي الْقَرْيَةِ، فَإِذَا وَجَدُوا الْمَرْأَةَ تَمْخِضُ نَظَرُوا مَا وَلَدُهَا؟
فَإِنْ كَانَ غُلامًا قَتَلْنَهُ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً اعرضن عنها، فلما وجدوا ذلك المولود صرخ النِّسْوَةُ، وَقُلْنَ: هَذَا الَّذِي يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صالح، فاراد الشرط ان يأخذوها، فَحَالَ جَدَّاهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَقَالُوا: إِنْ أَرَادَ صَالِحٌ هَذَا قَتَلْنَاهُ، وَكَانَ شَرَّ مَوْلُودٍ، وَكَانَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ غَيْرِهِ فِي الْجُمُعَةِ، ويشب

1 / 228