اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
الناشر
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
مَرَّةٍ، فأَكَلُوا وشَرِبُوا، ثُمَّ خَطَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "الحَمْدُ للَّهِ أحْمَدُهُ وأسْتَعِينُهُ، وأؤُمِنُ بِهِ، وأتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وأشهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ"، ثُمَّ قَالَ ﷺ: "إِنَّ الرَّائِدَ (١) لَا يَكْذِبُ أهْلَهُ، وَاللَّهِ لَوْ كَذَبْتُ النَّاسَ جَمِيعًا مَا كَذَبْتُكُمْ، ولَوْ غَرَرْتُ النَّاسَ جَمِيعًا مَا غَرَرْتُكُمْ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهُ إِلَّا هُوَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ خَاصَّةً، وَإِلَى النَّاسِ كَافَّة، وَاللَّهِ لَتَمُوتُنَّ كَمَا تَنَامُونَ، وَلَتُبْعَثُنَّ كَمَا تَسْتَيْقِظُونَ، وَلَتُحَاسَبُنَّ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلَتُجْزَوُنَّ بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَبِالسُّوءِ سُوءًا، وَإِنَّهَا لَجَنَّةُ أبَدًا أَوْ لَنَارٌ أَبَدًا، وَاللَّهِ يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ مَا أَعْلَمُ شَابًّا فِي العَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ، إنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَدْ أمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَدْعُوَكُمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُبَايِعُنِي عَلَى أَنْ يَكُونَ أخِي وَصَاحِبِي؟ ".
فقَالَ أَبُو طَالِبٍ: مَا أَحَبَّ إِلَيْنَا مُعَاوَنَتَكَ، وَأَقْبَلَنَا لِنَصِيحَتِكَ، وَأَشَدَّ تَصْدِيقًا لِحَدِيثِكَ، وهَؤُلَاءِ بَنُو أبِيكَ مُجْتَمِعُونَ، وَإِنَّمَا أنَا أحَدُهُمْ غَيْرَ أنِّي أسْرَعُهُمْ إِلَى مَا تُحِبُّ، فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ، فَوَاللَّهِ لَا أزَالُ أَحُوطُكَ، وَأَمْنَعُكَ غَيْرَ أَنَّ نَفْسِي لَا تُطَاوِعُنِي عَلَى فِرَاقِ دِينِ عَبْدِ المُطَّلِبِ (٢).
ثُمَّ تَكَلَّمَ سَائِرُ القَوْمِ كَلَامًا لَيَّنًا غَيْرَ أَبِي لَهَبٍ فَإِنَّهُ قَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ
(١) أصْلُ الرَّائِدِ: الذي يَتَقَّدُم القومَ يُبْصِرُ لهم الكَلَأَ ومَسَاقِطَ الغَيْثِ. انظر النهاية (٢/ ٢٥٠). (٢) أخرج ذلك كلَّه: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٣٧١) وأخرجه في فضائل الصحابة - رقم الحديث (١٢٢٠) - وإسناده صحيح.
1 / 223