اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
الناشر
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
سَعْدَ بنَ أَبِي وقَّاصٍ ﵁ أوَّلُ مَنْ أَهْرَاقَ دَمًا في سَبِيلِ اللَّهِ (١).
هَذَا الحَادِثُ مِنَ الِاعْتِدَاءِ عَلَى المُسْلِمِينَ خِلَالَ صَلاتِهمْ في الشِّعَابِ، حَمَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى نُصْحِ المُسْلِمِينَ بالتَّخَفِّي، والْتِزَامِ البُيُوتِ مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ حتَّى تَسْتَقِرَّ الأَحْوَالُ، وخَاصَّةً أَنَّ المُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ مِنَ القُوَّةِ مَا يُوَاجِهُونَ بِهِ قُرَيْشًا، ودَخَلَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحَابهُ دَارَ الأَرْقَمِ بنِ أَبِي الأَرْقَمِ المَخْزُومِيِّ عَلَى الصَّفَا، وكَانَتْ بِمَعْزِلٍ عَنْ أَعْيُنِ المُشْرِكِينَ ومَجَالِسِهِمْ، فاتَّخَذَهَا مَرْكَزًا لِلدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، ولِاجْتِمَاعِهِ بالمُسْلِمِينَ مِنْ أَجْلِ الإِرْشَادِ والتَّعْلِيمِ، ويَتَعَهَّدُهُمْ بِالتَّرْبِيَةِ حتَّى كَوَّنَ ﷺ مِنْهُمْ أُناسًا يَسْتَهِينُونَ بِكُلِّ الآلَامِ والبَلاءِ في سَبِيلِ دِينهِمْ، وعَقِيدَتِهِمْ، وكَانَ مَنْ يُرِيدُ الإِسْلامَ يَأْتِي إِلَيْهَا مُسْتَخْفِيًا خَشْيَةَ أَنْ يَنَالَهُ أذًى مِنْ قُرَيْشٍ.
ومَكَثَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ وأصْحَابُهُ في دَارِ الأَرْقَمِ بنِ أَبِي الأَرْقَمِ إِلَى أَنْ صَدَع رسُولُ اللَّهِ ﷺ بالدَّعْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي.
مرَّتْ ثَلَاثُ سَنَوَاتٍ، والدَّعْوَةُ لَمْ تَزَلْ سِرِّيَّةً فَرْدِيَّةً، وخِلَالَ هَذِهِ الفَتْرَةِ تَكَوَّنَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ تَقُومُ عَلَى الأُخُوَّةِ والتَّعَاوُنِ، وتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وتَمْكِينهَا مِنْ مَقَامِهَا، ثُمَّ تَنَزَّلَ الوَحْيُ يُكَلِّفُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ بِمُعَالَنَتِهِ قَوْمَهُ، ومُجَابَهَةِ بَاطِلِهِمْ، ومُهَاجَمَةِ أصْنَامِهِمْ جِهَارًا (٢).
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب كان سعد ﵁ أول من أَهْرَاقَ دَمًا في سبيل اللَّه - رقم الحديث (٦١٦٩). (٢) انظر فقه السيرة للشيخ محمد الغزالي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص ٩٦.
1 / 219