156

اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون

الناشر

المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

مكان النشر

الكويت

تصانيف

بِانْقِطَاعِ الوَحْي -أَيْ بِمَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ أَمْ لَا. .؟ . فالجَوَابُ: يُؤْخَذُ منْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ المُتَقَدِّمِ، فَفِيهِ: قَالُوا: كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، ومَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: "فإنَّهَا لا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ ولا لِحَيَاتِهِ، ولَكِنْ رَبُّنَا ﵎ اسْمُهُ، إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ. . . قَالَ: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ بَعْضًا، حتَّى يَبْلُغ الخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطِفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ. . . " (١). فيؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ التَّغْلِيظِ والحِفْظِ لَمْ يَنْقَطِعْ لِمَا يَتَجَدَّدُ مِنَ الحَوَادِثِ التِي تُلْقَى بِأَمْرِهِ إِلَى المَلَائِكَةِ، فإنَّ الشَّيَاطِينَ مَعَ شِدَّةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ في ذَلِكَ بَعْدَ البَعْثِ لَمْ يَنْقَطِعْ طَمَعُهُمْ في اسْتِرَاقِ السَّمْعِ في زَمَن النَّبِيِّ ﷺ فكيْفَ بِمَا بَعْدَهُ. وقدْ قَالَ عُمَرُ ﵁ لِغَيْلَانَ بنِ سَلَمَةَ ﵁ لَمَّا طَلَّقَ نِسَاءَهُ: إنِّي لَأَظُنُّ الشَّيْطَانَ فِيمَا يَسْتَرِقُ مِنَ السَّمْعِ سَمعَ بِمَوْتِكَ، فَقَذَفَهُ فِي نَفْسِكَ. . (٢). فهَذَا ظَاهِرٌ في أَنَّ اسْتِرَاقَهُمُ السَّمْعَ اسْتَمَرَّ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فكَانُوا يَقْصِدُونَ اسْتِمَاعَ الشَّيْءِ مِمَّا يَحْدُثُ فَلا يَصِلُونَ إلى ذَلِكَ، إِلَّا إنِ اخْتَطَفَ أحَدُهُمْ بِخِفَّةِ

(١) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب السلام - باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان - رقم الحديث (٢٢٢٩). (٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٤٦٣١) - وابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (٤١٥٦) - وإسناده صحيح.

1 / 159