152

اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون

الناشر

المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

مكان النشر

الكويت

تصانيف

﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (٩) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ (١). فَلَمَّا سَمِعَتِ الجِنُّ القُرْآنَ عَرَفَتْ أَنَّهَا إِنَّمَا مُنِعَتْ مِنَ السَّمْعِ قَبْلَ ذلِكَ، لِئَلَّا يَشْكُلَ الوَحْيُ بِشَيْءٍ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَيَلْتَبِسَ عَلَى أهْلِ الأَرْضِ ما جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فيهِ، لِوُقُوعِ الحُجَّةِ، وقَطْعِ الشُّبْهَةِ، فآمَنُوا وصَدَّقُوا، ثُمَّ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، ﴿قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (٢). * مَتَى حَدَثَ هَذَا الرَّصدُ (٣)؟: اخْتُلِفَ في هَذَا الرَّصْدِ هَلْ كَانَ قَبْلَ البِعْثَةِ أمْ بَعْدَهَا؟ وهَلْ كَانَ مُسْتَمِرًّا أمْ عَلَى فَتَرَاتٍ؟ رَوَى الشَّيْخانِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: مَا قَرَأَ رسُولُ اللَّه ﷺ عَلَى الجِنِّ وَمَا رَآهُمْ (٤)، انْطَلَقَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ

(١) سورة الجن آية (٩ - ١٠). (٢) سورة الأحقاف آية (٢٩ - ٣٠) - وانظر الخبر في سيرة ابن هشام (١/ ٢٤١ - ٢٤٢). (٣) التَّرَصُّدُ: التَّرَقُّبُ. انظر لسان العرب (٥/ ٢٢٣). (٤) قال البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٢٢٧): وهذا الذي حكاه ابن عباس ﵄ إنما هو في أوَّل ما سمعت الجنّ قِراءة النبي ﷺ، وعلِمَتْ بحَالِهِ، وفي ذلك الوقتِ لمْ يَقْرَأ عليهم، ولم يَرَهُمْ، كما حكاه، ثم أتَاهُ داعِي الجِنِّ مرَّة أُخرى، فذهب معهُ، وقرأ عليهمُ القُرْآن، كما حكاه عبدُ اللَّه بن مسعودٍ ﵁، ورأى آثارهُمْ، وآثَارَ نِيرَانِهِمْ، واللَّهُ أعلمُ.=

1 / 155