122

اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون

الناشر

المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

مكان النشر

الكويت

تصانيف

وصِدْقِ حَدِيثِهِ، أَحَسَّتْ ﵂ أَنَّهَا وَجَدَتْ ضَالَّتَهَا المَنْشُودَةَ فِيهِ ﷺ، فَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهُ رَجُلٌ لا تَسْتَهْوِيهِ حَاجَةٌ، وأنَّهُ لا يَتَطَلَّعُ إِلَى مَالٍ، ولا إِلَى جَمَالٍ، فَحَدَّثَتْ بِمَا في نَفْسِهَا إلى صَدِيقَتِهَا نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنَيَّةَ، فَذَهَبَتْ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وعَرَضَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ خَدِيجَةَ فَرَضِيَ ﷺ بِذَلِكَ. وسَأَدَعُ نَفِيسَةَ بِنْتَ مُنَيَّةَ تَرْوِي لَنَا قِصَّةَ زَوَاجِ النبيِّ ﷺ مِنْ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ ﵂، قَالَتْ نَفِيسَةُ: كَانَتْ خَدِيجةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ امْرَأَةً حَازِمَةً جَلْدَةً، شَرِيفَةً، مَعَ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَا مِنَ الكَرَامَةِ والخَيْرِ، وهِيَ يَوْمَئِذٍ أوْسَطُ قُرَيْشٍ نَسَبًا، وأعْظَمَهُمْ شَرَفًا، وأكْثَرَهُمْ مَالًا، وَكُلُّ قَوْمِهَا حَرِيصٌ عَلَى نِكَاحِهَا لَوْ قَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، قَدْ طَلَبُوهَا وبَذَلُوا لَهَا الأَمْوَالَ، فأرْسَلَتْنِي دَسِيسًا (١) إلى مُحَمَّدٍ ﷺ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ في عِيرِهَا مِنَ الشَّامِ، فقُلْتُ: يا مُحَمَّدُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَتَزَوَّجَ؟ فقَالَ: مَا بِيَدِي مَا أَتَزَوَّجُ بهِ، قُلْتُ: فإنْ كُفِيتَ ذَلِكَ، ودُعِيتَ إلى الجَمَالِ، والمَالِ والشَّرَفِ، والكَفَاءَةِ ألَا تُجِيبُ؟ قَالَ: فَمَنْ هِيَ؟ قُلْتُ: خَدِيجَةُ، قَالَ: وكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ عَلَيَّ، قَالَ: فأنَا أفْعَلُ، قَالَتْ نَفِيسَةُ: فَذَهَبْتُ فأخْبَرْتُ خَدِيجَةَ، فأرْسَلَتْ إِلَيْهِ أنِ ائْتِ لِسَاعَةِ كذَا وكذَا، وأرْسَلَتْ إلى عَمِّهَا عَمْرِو بنِ أَسَدٍ لِيُزَوِّجَهَا، فَحَضَرَ، لِأَنَّ أبَاهَا مَاتَ قَبْلَ حَرْبِ الفِجَارِ (٢).

(١) الدَّسِيسُ: مَن يُرسَلُ سِرًا ليأتي بالأخبار. انظر لسان العرب (٤/ ٣٤٥). (٢) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (١/ ٦٢).

1 / 125