اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
الناشر
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
وبُعِثَ دَاوُدُ وَهُوَ رَاعِي غَنَمٍ، وبُعِثْتُ أَنَا، وأنَا أَرْعَى غَنَمًا لِأَهْلِي بِأَجْيَادَ" (١).
* الحِكْمَةُ فِي رَعْيِ الأَنْبِيَاءِ ﵈ لِلْغَنَمِ:
قَالَ العُلَمَاءُ: الحِكْمَةُ فِي إِلْهَامِ الأَنْبِيَاءَ مِنْ رَعْيِ الغَنَمِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ أمُورٌ، مِنْهَا:
١ - أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمُ التَّمَرُّنُ بِرَعْيِهَا عَلَى ما يَكْفُلُونَهُ مِنَ القِيَامِ بِأَمْرِ أُمَّتِهِمْ.
٢ - أَنَّ فِي مُخَالَطَتِهَا مَا يُحَصِّلُ لَهُمْ الحِلْمَ والشَّفَقَةَ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا صَبَرُوا عَلَى رَعْيِهَا وَجَمْعِهَا بَعْدَ تَفَرُّقِهَا فِي المَرْعَى، وَنَقْلِهَا مِنْ مَسْرَحٍ إِلَى مَسْرَحٍ، ودَفع عَدُوِّهَا مِنْ سَبُعٍ وَغَيْرِهِ كالسَّارِقِ، وَعَلِمُوا اخْتِلَافَ طِبَاعِهَا، وشدَّةَ تَفَرُّقِهَا مَعَ ضَعْفِهَا، وَاحْتِيَاجِهَا إِلَى المُعَاهَدَةِ أَلِفُوا مِنْ ذَلِكَ الصَّبْرَ عَلَى الأُمَّةِ، وعَرَفُوا اخْتِلَافَ طِبَاعِهَا وتَفَاوُتَ عُقُولهَا فَجَبَرُوا كَسْرَهَا، ورَفَقُوا بِضَعِيفِهَا، وأحْسَنُوا التَّعَاهُدَ لَهَا، فَيَكُونُ تَحَمُّلُهُمْ لِمَشَقَّةِ ذَلِكَ أسْهَلُ مِمَّا لَوْ كُلِّفوا القِيَامَ بِذَلِكَ مِنْ أوَّلِ وَهْلَةٍ، لِمَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنَ التَّدْرِيجِ عَلَى ذَلِكَ بِرَعْيِ الغَنَمِ.
٣ - خُصَّتِ الغَنَمُ بِذَلِكَ؛ لِكَوْنِهَا أَضْعَفَ مِنْ غَيْرِهَا؛ وَلِأَنَّ تَفَرُّقَهَاَ أَكْثَرُ مِنْ تَفَرُّقِ الإِبِلِ والبَقَرِ؛ لِإِمْكَانِ ضبْطِ الإِبِلِ والبَقَرِ بِالرَّبْطِ دُونَهَا فِي العَادَةِ المَأْلُوفَةِ، ومَعَ أكْثَرِيَّةِ تَفَرُّقِهَا، فَهِيَ أَسْرَعُ انْقِيَادًا مِنْ غَيْرِهَا.
(١) أَجْيَادٌ: بفتح الهمزة وسكون الجيم، جَبَلٌ بِمَكَّةَ. انظر النهاية (١/ ٣١). والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد - رقم الحديث (٤٥٠) - والطيالسي في مسنده - رقم الحديث (١٤٠٧).
1 / 114