1082

اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون

الناشر

المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

مكان النشر

الكويت

تصانيف

ﷺ، وَعُمَرُ ﵁ آخِذٌ بِحِمَالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ، قَالَ: "أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، ادْنُ يَا عُمَيْرُ"، فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ: أَنْعِمُوا صَبَاحًا -وَكَانَتْ تَحِيَّةَ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ بَيْنَهُمْ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قَدْ أَكرَمَنَا اللَّهُ بِتَحِيَّةٍ خَيْرٍ مِنْ تَحِيَّتكَ يَا عُمَيْرُ، بِالسَّلَامِ، تَحِيَّةِ أَهْلِ الجَنَّةِ"، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ إِنْ كُنْتَ بِهَا لَحَدِيثَ عَهْدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "فَمَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ؟ " قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الأَسِيرِ الذِي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَأَحْسِنُوا فِيهِ، فَقَالَ ﷺ: "فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي عُنُقِكَ؟ " قَالَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ، وَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا شَيْئًا؟
فَقَالَ ﷺ: "اصْدُقْنِي، مَا الذِي جِئْتَ لَهُ؟ " قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ، فَقَالَ ﷺ: "بَلْ قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ فِي الحِجْرِ، فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ القَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قُلْتَ: لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ وَعِيَالٌ عِنْدِي لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا، فتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِي لَهُ، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ".
فَقَالَ عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَدْ كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِمَا كُنْتَ تَأْتِينَا بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَمَا يَنْزِلُ عَلَيْكَ مِنَ الوَحْي، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَنَا وَصَفْوَانُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ، فَالحَمْدُ للَّهِ الذِي هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ، وَسَاقَنِي هَذَا المَسَاقَ، ثُمَّ شَهِدَ شَهَادَةَ الحَقِّ، فَفَرِحَ المُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: "فَقِّهُوا أَخَاكمْ فِي دِينِهِ، وَأَقْرِئُوهُ القُرْآنَ، وأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ"، فَفَعَلُوا.

2 / 484