القائد إلى تصحيح العقائد
محقق
محمد ناصر الدين الألباني.
الناشر
المكتب الإسلامي.
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م.
تصانيف
وقعوده أدنى ظن، فصلًا عن الظن الغالب، فضلًا عن العلم، فأما إذا كانوا يعتقدون أنه لا يفعل شيئًا لأجل شيء فالأمر أشد. فثبت أن الذين يعلمون أن المعجزة من فعل الله ﷿ وإنما يصدقون لا اعتقادهم أن الله تعالى منزه عن أن يقع منه الكذب أو فعل مناقض للحكمة، وهذا الاعتقاد هو مقتضى الفطر الزكية والعقول النقية وهو اعتقاد كل من يؤمن حق الإيمان بوجود الله تعالى وكمال علمه وقدرته حتى من الأشاعرة أنفسهم، يعتقدون ذلك بمقتضى فطرهم، وإن أنكروا بألسنتهم.
تنزيه الأنبياء عن الكذب
من المعلوم من الدين بالضرورة أن الأنبياء صادقون في كل ما أخبروا به عن الله ﷿، وأن من كذب نبيًا في خبر من ذلك فقد كفر، ومعلوم أن جميع ما أخبر به الأنبياء في شؤون الدين فهو إخبار عن الله ﷿، وهذا من الوضوح عند المسلمين بحيث يستغني عن إيراد حججه.
فإن قيل: قد جوز بعض الناس أن يقول النبي في الدين باجتهاده، ومن هؤلاء من جوز أن يخطئ النبي لكنه إن أخطأ نبهه الله ﷿ فورًا، ولعل من يجيز من هؤلاء تأخير البيان إلى وقت الحاجة يجيز تأخير التنبيه إلى وقت الحاجة.
قلت: إن جاز الخطأ فإنما يخبر النبي بأنه يظن، ومن قال: أظن كذا، إنما أخبر بأنه يظن، فإذا كان يظن ما ذكر فقد صدق، فإن بان خطأ ظنه لم يقل له: كذبت، وإن قيل: كذب ظنك، فأما الأمور الدنيوية فخبر الأنبياء عنها إن تضمن خبرًا عن الله ﷿ فكالأمور الدنيوية، وإلا فالمعروف بين أهل العلم من المسلمين أن الأنبياء معصومون عن تعمد الكذب فيها، وأو رد على ذلك كلمات إبراهيم ﵇. وفي (الصحيحين) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ...» فذكر تلك الكلمات، وفي (مسند أحمد) من حديث ابن عباس نحوه، وفي (الصحيحين) من حديث أنس مرفوعًا ذكر فزع الناس إلى الأنبياء يوم
1 / 88