القائد إلى تصحيح العقائد
محقق
محمد ناصر الدين الألباني.
الناشر
المكتب الإسلامي.
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م.
تصانيف
فضمها هواتها إلى ما سبق، ملصقين لها بالعبادات الشرعية، تعاطيها من الخائضين في الكلام والفلسفة، فمنهم من تعاطاها ليروج مقالاته المنكرة بنسبتها إلى الكشف والإلهام الروحي، ويتدرع عن الإنكار عليه بزعم أنه من أولياء الله تعالى، ومنهم من تعاطاها على أمل أن يجد فيها حلًا للشكوك والشبهات التي أو قعه فيها التعمق في الكلام والفلسفة.
ومن أول من مزج التصوف بالكلام الحارث المحاسبي، ثم اشتد الأمر في الذين أخذوا عنه فمن بعدهم، وكان من نتائج ذلك قضية الحلاج، ولعله كان في أقران الحلاج من هو موافق له في الجملة، بل لعل فيهم من هو أوغل منه إلا أنهم كانوا يتكتمون، ودعا الحلاج إلى إظهار ما أظهره حب الرياسة.
وكذلك الفارابي وابن سينا نتقًا من ذلك.
وكذلك في كلام متفلسفي المغاربة كابن باجة وغيره. وهكذا الباطنية كانوا ينتحلون التصوف، فلما جاء الغزالي نصب منصب الكلام والفلسفة الباطنية، وزعم أن الحق لا يعدوا هذه الأربع المقالات، وقضى ظاهرًا للتصوف مع ذكره كفيره أن طائفة من المتصوفة ذهبوا إلى الأباحة المحضنة، وفي ذلك نبذ الشرائع البتة، ثم لم يزل الأمر يشتد حتى جاء ابن عربي وابن سبعين التلمساني، ومقالاتهم معروفة، ومن تتبع ما كان عليه النبي ﵌ والصحابة وأئمة التابعين، وما يصرح به الكتاب والسنة وآثار السلف، وأنعم النظر في ذلك، ثم قارن ذلك بمقالات هؤلاء القوم علم يقينًا أنه لا يمكنه إن لم يغالط نفسه أن يصدق الشرع ويصدقهم معًا، وإن غالط نفسه وغالطته، فالتكذيب ثابت في قرارها ولابد.
هذا والشرع يقضي بأن الكشف ليس مما يصلح الاستناد إليه في الدين، ففي (صحيح البخاري) من حديث أبي هريرة «سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
1 / 79