القائد إلى تصحيح العقائد
محقق
محمد ناصر الدين الألباني.
الناشر
المكتب الإسلامي.
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م.
تصانيف
جاء به الشرع لجزم المتعمقون بأنها براهين قاطعة.
الأمر الثاني: أننا نجزم بالعاديات (١) كجزمنا بالأولياء فنجزم أن هذا الشيخ لم يتولد دفعة بلا أب ولا أم بل تولد منهما ونشأ بالتدريج ...، وأن أو اني البيت لم تنقلب بعد خروجي أناسًا فضلاء. ولا أحجار جواهر، ولا البحر دهنًا وعسلًا، مع أنه من الجائز خلاف هذا، أما عند المتكلمين فلاستناد الأشياء جميعها إلى المختار فعله أو جب شيئًا من ذلك، وأما عند الحكماء فلاستناد الحوادث الأرضية إلى الأو ضاع الفلكية، فلعله شكل غريب فلكي لم يقع مثله، أو وقع ولكنه مثله إلا في ألوف من السنين.
أجاب العضد بأن الامكان لا ينافي الجزم كما في بعض المحسوسات. قال السيد في (شرحه): «فإنا نجزم بأن هذا الجسم شاغل لهذا الحيز في هذا الآن لا يتطرق إليه شبهة مع أن نقيضه ممكن في ذاته، فقد ظهر أن الجزم في العاديات واقع موقعه» . كذا قال الشارح، وفيه أن القادحين لم يستندوا إلى الإمكان الذاتي المشترك بين أمثلتهم ومثال الشارح، وإنما استندوا إلى احتمال الوقوع في نفس الأمر، فإن أحجار البيت كما يمكن بالإمكان الذاتي انقلابها جواهر، فإنه يحتمل وقوع الانقلاب بعد خروجك وليس مثال الشارح هكذا، فإنه مفروض في الحاضر المشاهد، وقد قال ﵎: «وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ» إلى أن قال تعالى «وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى. قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى. قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى. فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى. قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى» طه: ٩ - ٢١ فلما كان موسى ﵇ مع أهله كانوا يشاهدون عصاه فيجزمون بأنها عصا لم تنقلب حية، فهذا
_________
(١) أي الأمور المعتادة كولادة الإنسان من أبوين اتصلا ببعضهما اتصالا معروفًا ولفظة العاديات تقال للأشياء القديمة جدًا نسبة إلى عاد. م ع
1 / 49