القواعد الحسان لتفسير القرآن
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
القاعدة الثالثة والثلاثون: المرض في القرآن -مرض القلوب- نوعان: مرض شبهات وشكوك، ومرض شهوات ومحرمات
والطريق إلى تميز هذا من هذا - مع كثرة ورودهما في القرآن - يُدرك من السياق.
فإن كان هذا السياق في ذم المنافقين والمخالفين في شيء من أمور الدين، كان مرضَ الشكوك والشبهات، وإن كان السياق في ذكر المعاصي والميل كان مرضَ الشهوات. ووجه انحصار المرض في هذين النوعين: أن مرض القلب خلاف صحته، وصحة القلب الكاملة بشيئين: كمال علمه ومعرفته ويقينه، وكمال إرادته وحبه لما يحبه الله ويرضاه.
فالقلب الصحيح: هو الذي عرف الحق واتبعه، وعرف الباطل واجتنبه، فإن كان علمه شكًا وعنده شبهات تُعارض ما أخبر الله به من أصول الدين وفروعه، كان علمه منحرفًا وكان مرض قلبه قوة وضعفًا بحسب هذه الشكوك والشبهات. وإن كانت إرادته ومحبته مائلة لشيء من معاصي الله، كان ذلك انحرافا في إرادته ومرضًا.
وقد يجتمع الأمران فيكون القلب منحرفًا في علمه وفي إرادته.
فمن النوع الأول: قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [البقرة: ١٠] وهي التقاليد والشكوك والشبهات المعارضة لرسالة محمد ﷺ ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ [البقرة: ١٠] عقوبة على ذلك المرض الناتج عن أسباب متعددة، كلها منهم، وهم فيها غير معذورين.
ونظير هذا قوله تعالى في سورة براءة: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة: ١٢٥] .
وكذلك قوله
1 / 94