القواعد الحسان لتفسير القرآن
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
القاعدة السادسة والعشرون: الأحكام في الآيات المقيدة
الأصل: أن الآيات التي فيها قيود لا تثبت أحكامها إلا بوجود تلك القيود، إلا في آيات يسيرة. وهذه قاعدة لطيفة. فإن الله متى رتب في كتابه حكمًا على شيء، وقيده بقيد، أو شرط لذلك
شرطًا، تعلق الحكم به على ذلك الوصف، الذي وصفه الله تعالى.
وهذا في القرآن لا حصر له. وإنما المقصود ذكر المستثنى من هذا الأصل الذي يقول كثير من المفسرين - إذا تكلموا عليها -: هذا قيد غير مراد. ففي هذه العبارة نظر؛ فإن كل لفظة في كتاب الله فإن الله أرادها لما فيها من فائدة، وقد تظهر للمخاطب وقد تخفى. وإنما مرادهم بقولهم [غير مراد] ثبوت الحكم لها.
فاعلم أن الله تعالى يذكر الأحكام الشرعية من أصول وفروع، ويذكر أعلى حالة لها ليبرزها لعباده، وليظهر لهم حسنها، إن كانت مأمورًا بها، أو قبحها إن كانت منهيًا عنها.
وعند تأمل هذه الآيات التي بهذا الصدد يظهر لك هذا منها عيانًا.
فمنها قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ [المؤمنون: ١١٧] ومن المعلوم أن من دعا مع الله إلهًا آخر فإنه كافر، وأنه ليس له برهان مطلقًا. وإنما قيدها الله بهذا القيد بيانًا لشناعة الشرك والمشرك وأن الشرك ليس له دليل شرعي، ولا عقلي قطعًا، والمشرك ليس بيده ما يُسوِّغ له شيئًا من ذلك.
ففائدة هذا القيد: التشنيع البليغ على المشركين من المعاندة ومخالفة البراهين الشرعية والعقلية،
1 / 76