القواعد الحسان لتفسير القرآن
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
القاعدة الحادية والعشرون: القرآن يجري في إرشاداته مع الزمان والأحوال في أحكامه الراجعة للعرف والعوائد
وهذه قاعدة جليلة المقدار، عظيمة النفع، فإن الله أمر عباده بالمعروف، وهو ما عرف حسنه شرعًا وعقلًا وعرفًا، ونهاهم عن المنكر، وهو ماظهر قبحه شرعا وعقلا وعرفا.
وأمر المؤمنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووصفهم بذلك.
فما كان من المعروف لا يتغير في الأحوال والأوقات كالصلاة والزكاة، والصوم والحج، وغيرها من الشرائع الراتبة، فإنه أمر به: كلٌ في وقت. والواجب على الآخِرِين نظير الواجب على الأولين من هذه الأمة. وما كان من المنكر لا يتغير كذلك بتغير الأوقات كالشرك والقتل بغير حق، والزنا وشرب الخمر ونحوها ثبتت أحكامه في كل زمان ومكان لا يتغير ولا يختلف حكمه.
وما كان يختلف باختلاف الأمكنة والأزمة والأحوال، فهو المراد ههنا.
فإن الله تعالى يردهم فيه إلى العرف والعادة والمصلحة المتعينة في ذلك الوقت.
وذلك أنه أمر بالإحسان إلى الوالدين بالأقوال والأفعال، ولم يعين لعباده نوعًا خاصًا من الإحسان والبر، ليعم كل ما تجدد من الأوصاف والأحوال، فقد يكون الإحسان إليهم في وقت غير الإحسان في الوقت الآخر، وفي حق شخص دون حق الشخص الآخر.
فالواجب الذي أوجبه الله: النظر في الإحسان المعروف في وقتك ومكانك، في حق والديك.
ومثل ذلك: ما أمر به من الإحسان إلى الأقارب والجيران والأصحاب ونحوهم، فإن ذلك راجع في نوعه وجنسه وأفراده إلى ما يتعارفه الناس إحسانًا.
وكذلك ضده من العقوق والإساءة، ينظر
1 / 62