القواعد الحسان لتفسير القرآن

عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي ت. 1376 هجري
152

القواعد الحسان لتفسير القرآن

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

ومن هذا: قوله تعالى عن يوسف ﵊: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾، [يوسف: ٢٤]، وهو أنه لما رجع إلى ما معه من الإيمان ومراقبة الله وخوفه وخشيته ورجائه، دفع عنه هذا الهم وموجبه واضمحل، وصارت إرادته التامة فيما يرضي ربه. ولهذا فاز بمرتبة الصديقية؛ لقوة إخلاصه ويقظة إيمانه بآيات ربه، وانتصر بعد المعالجة الشديدة من النسوة التي لا يصبر عليها إلا سادات الخلق حتى دعا ربه أن يبعده عن مواطن الفتن، فقال: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾، [يوسف: ٣٣]، وكان كل من يتشبه به ويقف أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله) (١) . وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾، [الأعراف: ٢٠١]، يشمل الطائف الذي يعرض في أصل الإيمان أو الذي يعرض في إرادته، فإذا مسهم تذكروا ما يدعو إلى الإيمان وواجباته، من آيات الله وسننه وحكمته وأحكامه فأبصروا، فاندفعت الشبهات والشهوات فرجع الشيطان خاسئًا وهو حسير. ولعل من هذا: قول لوط ﵊: ﴿أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: ٨٠]، وقول النبي ﷺ: (رحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد) (٢) يعني: وهو الله القوي العزيز، لكن غلب على لوط ﵇ في تلك الحالة الحرجة وملاحظة الأسباب العادية، فقال ما قال، مع علمه التام بقوة ذي العظمة والجلال.

(١) متفق عليه رواه البخاري برقم ١٤٢٣ ومسلم برقم ١٠٣١ (٢) متفق عليه البخاري برقم ٣٣٧٢ ومسلم برقم ١٥١ عن أبي هريرة

1 / 157