القواعد الحسان لتفسير القرآن
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وكذلك قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، وهذا يعم جميع ما شرعه لعباده، فعلًا وتركًا، اعتقادًا وانقيادًا، وأضافه إلى نفسه في هذه الآية لكونه هو الذي نصبه لعباده، كما أضافه إلى الذين أنعم عليهم في قوله ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] لكونهم هم السالكين له. فصراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ما اتصفوا به من العلوم والأخلاق والأوصاف والأعمال وكذلك قوله ﴿وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠] يدخل في ذلك جميع العبادات الظاهرة والباطنة، العبادات الاعتقادية والعملية، كما أن وصف الله لرسوله ﷺ بالعبودية المضافة إلى الله كقوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الاسراء: ١] وكقوله ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ [البقرة:٢٣] وقوله ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [الفرقان: ١] تدل على أنه وفَّي جميع مقامات العبودية، حيث نال أشرف المقامات بتوفيته لجميع مقامات العبودية، وقوله: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦] فكلما كان العبد أقوم بحقوق العبودية كانت كفاية الله له أكمل وأتم، وما نقص منها نقص من الكفاية بحسبه.
وقوله: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر:٥٠]
وقوله: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل:٤٠] يشمل جميع أوامره القدرية الكونية. وهذا في القرآن شيء كثير.
1 / 19