القواعد الحسان لتفسير القرآن
الناشر
مكتبة الرشد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
القاعدة التاسعة والأربعون: إذا منع الله عباده المؤمنين شيئًا تتعلق به إرادتهم، فتح لهم بابًا أنفع لهم منه وأسهل وأولى
وهذا من لطفه، قال تعالى: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ (١) [النساء: من الآية٣٢]، فنهاهم عن تمني ما ليس بنافع، وفتح لهم أبواب الفضل والإحسان، وأمرهم أن يسألوه بلسان الحال.
ولما سأل موسى ﵇ ربَّه الرؤية حين سمع كلامه، ومنعه منها، وبلسان المقال سلّاه بما أعطاه من الخير العظيم، فقال: ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [لأعراف: ١٤٤]، وقوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: من الآية١٠٦]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: من الآية١٣٠]، وفي هذا المعنى آيات كثيرة.
(١) يقول الشيخ ابن عثيمين: " وهذا يعرف الإنسان به فضل ربه ﷿ وإحسانه إلى خلقه أنه إذا منعهم من شيء فتح لهم أبوابا خيرا منه، فقوله تعالى: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " يعني من العلم والمال والجاه والرئاسة وغير ذلك، الله ﷾ فضل الناس بعضهم على بعض، فلا تتمنى أن يكون ما أعطاه الله أخاك لك دون أخيك، ولهذا قال: " ولا تتمنوا ما فضل الله " ولم يقل: ولا تتمنوا مثل ما فضل الله، لأن الإنسان يجوز أن يتمنى مثل ما فضل الله به بعض عباده. "
1 / 124