الأساس في السنة وفقهها - العقائد الإسلامية
الناشر
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
تصانيف
المقدمة
جعل الله ﷿ الإنس والجن مسؤولين أمامه، مكلفين بالعبادة والعبودية له ومحاسبين على ذلك ومجازين عليه في الدنيا وفي الآخرة. قال تعالى:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (١).
﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا﴾ (٢).
فالإنسان من المخلوقات المحسوسة هو المكلف الوحيد، والجن من المخلوقات المغيبة هم المكلفون الوحيدون.
والتكليف الشرعي في الاصطلاح هو طلب الله ﷿ من المكلفين ما فيه كلفة في الفعل أو الترك، ويدخل في الفعل الفريضة والواجب والمندوب، ويدخل في الترك الحرمة والكراهة.
قال البغدادي: التكليف في اللغة مأخوذ من الكلفة وهي التعب والمشقة ثم أطلق التكليف في الشرع الأمر والنهي.
والتكليف منوط بالعقل وببلوغ الدعوة، وبالبلوغ وبوجود ما به يدرك الخطاب من الحواس، فمن ولد أعمى أصم أو أصابه العمى والصم قبل أن يعقل الخطاب لا يعتبر مكلفًا لأن شرط التكليف فهم الخطاب، أما إذا كان سميعًا أعمى أو أصم مبصرًا يستطيع الفهم فهو مكلف بقدر ما يفهم، أما العقل فلا تكليف إلا به، ألا ترى أن الله ﷿ خاطب الناس بقوله ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (٣) فمن لا عقل له لا حجة عليه، وأما بلوغ الرسالة فهو شرط من شروط التكليف فمن لم تبلغه الرسالة لا يكون مكلفًا. قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ (٤).
(١) الذاريات: ٥٦. (٢) الأنعام: ١٣٠. (٣) البقرة: ٤٤. (٤) النساء: ١٦٥.
1 / 83