أصول الوصول إلى الله تعالى
الناشر
المكتبة التوفيقية
رقم الإصدار
الثانية
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
استراحة المسافر
المقدمة:
وبعد أن قطعنا شوطا في التعرف على معالم الطريق وعقباته .. وبعد أن تعلمنا كيف يكون العبور على الجسور، آن لنا أن نأخذ قسطا من الراحة .. فالمسافر إلى الله تعالى لابد له من الاستجمام ليستعين به على اتمام المسير، وإكمال الشوط لتتمالنفرة ويتنشط البدن ويتروح القلب .. فيكون ذلك تقوية للانطلاق في قطع مرحلة تالية.
اذا فلابد للمسافر من وقفات على الطريق .. وقفات ترويحية على جنبات الطريق، يستروح فيها إلى بعض المباحات من لهو ومزاح وانبساط، وما يتبع ذلك من لين القول والتبسم وانشراح الصدر، وكل ما يؤدى من مباح إلى تطييب النفس ومؤانستها فهو سنة مستحبة.
يقول ابن القيم - عليه رحمة الله - في " زاد المعاد ":
" وكانت سيرته ﷺ مع أزواجه حسن المعاشرة، وحسن الخلق، وكان يسرب إلى عائشة بنات الانصار يلعبن معها. وكان اذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه، وكانت اذا شربت من الاناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان اذا تعرقت عرقا - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكىء في حجرها ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها، وربما كانت حائضا، وكان يأمرها وهى حائض فتتزر ثم يباشرها، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن
1 / 49