110

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

تصانيف

المطلب الرابع: موضوع السورة الكريمة وفيه بيان ما يلي: أولًا: مقصود السورة الكريمة: «إن مقصود السورة هو إثبات الحكمة للكتاب، اللازم منه حكمة منزله سبحانه في أقواله وأفعاله، وموعظة لقمان - المسمى به السورة - دليل واضح على ذلك» (^١). فالمتأمل في سورة لقمان يجد أن مقصودها وموضوعها الرئيس الذي تدور حوله هو الحكمة ولذا فقد تكرر لفظ الحكمة فيها على النحو التالي: أ- وصف الله كتابه بأنه حكيم في صدر السورة، فقال تعالى: ﴿الم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢)﴾ [لقمان: ١ - ٢]. وجاء التعبير عن الآيات باسم الإشارة -تلك- للدلالة على ارتفاع مكانتها في بلاغتها ومعناها. ب- وصف الله سبحانه نفسه بالحكمة وأنه الحكيم ﵎، فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)﴾ [لقمان: ٨ - ٩]، فهو الحكيم في أقواله وأفعاله وأقداره التي يجريها على العباد وله الحكمة البالغة سبحانه وبحمده. ج- وصف الله عبدًا من عباده وهبه وآتاه الحكمة فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾ [لقمان: ١٢]. ثم جاء بعد ذلك ذكر وصايا لقمان لابنه، ومن تدبر وتفهم هذه الوصايا تبين له حكمته ورجاحة عقله. وحق للمرء أن يغبط الحكيم على عقله، قال ﷺ: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها» (^٢).

(^١) ينظر: البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (١٥/ ١٤٠). (^٢) حديث (رقم: ٧٤٨٨) في صحيح الجامع -الألباني- وأصل الحديث رواه البخاري (١٤٠٩).

1 / 110