219

الأربعون العقدية

الناشر

دار الآثار

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

٢٠٢١ م

مكان النشر

مصر

تصانيف

لأهل الكبائر، والقرآن يدل على هذا". (^١) ** فأما الرد على استدلالهم بقوله تعالى: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨] فحال من يستدل بهذه الآية على نفي الشفاعة كحال من يقول بحرمة الصلاة مستدلًا على ذلك بقول الله: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: ٤]، فاجتزاء النصوص من سياقاتها هو طريقة أهل البدع؛ فقوله تعالى: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ إنما هو في نفي الشفاعة عن المشركين، وسياق الآيات يدل على ذلك، فقد قال -تعالى- قبلها: ﴿ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦)﴾ [المدثر: ٤٦]. بل لنا أن نقول: إن هذه الآية دليل عليهم، فلما نفَى الله -تعالى- الشفاعة عن الكافرين دل ذلك على وجودها لِمن سِواهم، وإلا لَمَا كان في نفيها عنهم فائدةٌ. قال الذهبي: "قال الله في حق الكفار: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨]، فمفهوم أنّ غير الكفار تنفعهم شفاعة الشافعين". (^٢) ** وكذلك يقال في الجواب عن استدلالهم بقوله تعالى: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾؛ فسياق الآيات يتناول نفي الشفاعة عن الكافرين الذين اتخذوا أندادًا مع الله ﷿: قال تعالى: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨) وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (٩٩) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (١٠٠)﴾ [الشعراء]. ** الرد على استدلالهم بقوله تعالى: ﴿واتقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ [البقرة: ٤٨]: استدلال المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر باطلٌ؛ وذلك لأن الشفاعةَ المنفية في الآية الشفاعةُ للكافرين، ويدل على ذلك وُجوهٌ:

(^١) وانظرالشريعة (٣/ ١٢٠٣) والوعد الأخروي (٢/ ٥٨٠). (^٢) إثبات الشفاعة (ص/٢٠).

1 / 237