** وهذا القسم من الشفاعة هو من خصائصه ﷺ؛ فقد ورد في الصحيح من حديث الشفاعة الطويل:
«يَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى مَنْ يَشْفَعُ إِلَى رَبِّنَا ﷿... فَيَأْتُونَ آدَمَ ونُوحًا ومُوسَى وعِيسَى ﵈، كُلُّهُمْ يَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا غَيْرِي... فَيَأْتُونِي، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا». (^١)
* وقد ذكرَ شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبد البر وابن جَرير وغيرُهم أن المقام المحمود المراد في قوله تعالى: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩] هو الشفاعة العظمى، وذكروا أن هذا هو المأثور في تفسير هذه الآية عن الصحابة ﵃، وهو قول جمهور المفسرين. (^٢)
الشفاعة لأهل الجنة ليدخلوها:
عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«إِنِّي لَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَمْ يُصَدَّقْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَا صُدِّقْتُ، وَأَنَا أَوَّلُ النَّاسِ يَشْفَعُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ». (^٣)
شفاعة النبي ﷺ لعمه أبي طالب:
* عن العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ﵁ أنه قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟
قَالَ: «هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» (^٤).
(^١) متفق عليه. (^٢) مجموع الفتاوى (١٤/ ٣٩٠)، وجامع البيان في تأويل القرآن (١٧/ ٥٢٧). (^٣) أخرجه مسلم (١٩٧)، وأحمد (١٢٤٢٠). (^٤) متفق عليه. وقوله "يَحُوطُكَ" هو مِن الْحِيَاطَة، وَهِيَ الْمُرَاعَاةُ، وأمّا الضَّحْضَاحُ فهو: مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْهُ الْعَذَابُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ "يُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ" - فتْح الباري (ج ١١/ ص ٢١٠).
1 / 229