أعَلِمَ الحِكمة من وُجودهما أم لَمْ يَعلم، فمَدارُ الأمر على التسليم.
وقد نصَّ البيجوري على انعقاد الإجماع على أن الجنة والنار مخلوقتانِ الآنَ، وذلك قَبْلَ ظُهور المُخالِف. (^١)
قال الغزالي:
"قوله -تعالى- عن الجنة ﴿أُعِدَّتْ﴾: دليلٌ على أنها مخلوقة، فيجب إجراؤه على الظاهر؛ إذْ لا استحالةَ فيه، ولا يُقال: لا فائدةَ في خلْقهما قبلَ يومِ الجزاء؛ لأن الله -تعالى- ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣] ". (^٢)
٢) الفلاسفة، والمَلاحدة:
قالوا: ليس عندنا جنة ولا نار، إنما الربُّ يذكُر ذلك في القرآن من باب زجْر الناس فحسْب.
** فرعٌ: مكانُ الجنة والنار:
أمّا الجنة: فهي فوقَ السماء السابعة، وتحتَ عَرْشِ الرحمنِ.
قال -تعالى-: ﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى (١٤) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ [النجم: ١٤ - ١٥]،
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا سَأَلْتُمُ اللهَ فاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ؛ فإنَّهُ أَوْسَطَ الجَنّةِ، وأعلى الجَنّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنْهُ تفَجَّرُ أَنْهارُ الجَنّةِ». (^٣)
فثبتَ بهذا الحديث أنّ: الجنة تحت عرش الرحمن.
وقد ثبتَ في حديث قصة الإسراء في صحيح مسلم (١٦٢): أنّ سِدْرة المنتهَى فوقَ السماء السابعة؛ وعليه فالجنةُ يقينًا -والعلمُ الحق عند الله- فوقَ السماء السابعة، وتحتَ عرش الرحمن، كما دل عليه هذانِ الحديثانِ.
* أمّا مكانُ النار:
ففي الأرض السابعة: قال -تعالى-: ﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ* كِتَابٌ مَّرْقُومٌ﴾ [المطففين: ٧ - ٩].
(^١) تُحفة المريد على جوهرة التوحيد (ص/٥٠٢). (^٢) قواعد العقائد (ص/٢٢٧). (^٣) البخاري (٧٤٢٣).
1 / 209