في سبيل اللَّه تعالى، وما خُيِّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا، كان أبعد الناس عنه.
وقد جمع اللَّه له كمال الأخلاق، ومحاسن الشيم، وآتاه من العلم والفضل، وما فيه النجاة، والفوز، والسعادة في الدنيا والآخرة، ما لم يُؤتِ أحدًا من العالمين، وهو أمّيٌّ لا يقرأ، ولا يكتب، ولا معلِّمَ له من البشر، واختاره اللَّه على جميع الأولين والآخرين، وجعل دينه للجن والناس أجمعين إلى يوم الدين، فصلوات اللَّه، وسلامه عليه، صلاةً وسلامًا دائمين إلى يوم الدين؛ فإن خلقه كان القرآن.
فينبغي الاقتداء به ﷺ، والتأسّي به في جميع أعماله، وأقواله، وجدِّه واجتهاده، وجهاده، وزهده، وورعه، وصدقه وإخلاصه، إلا في ما كان خاصًّا به، أو ما لا يُقدر على فعله؛ لقوله ﷺ: «خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإنّ اللَّه لا يملّ حتى تملّوا (١» (٢)؛ ولقوله ﷺ: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم» (٣).
_________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: تهذيب السيرة النبوية للإمام النووي، ص ٥٦، ومختصر السيرة النبوية للحافظ عبد الغني المقدسي، ص ٧٧، وحقوق المصطفى للقاضي عياض، ١/ ٧٧ - ٢١٥، ومختصر الشمائل المحمدية للترمذي، ص ١١٢ - ١٨٨.
(٣) البخاري، برقم ٧٢٨٨، ومسلم، برقم ٢٦١٩.
1 / 19