السنة المفترى عليها
الناشر
دار الوفاء،القاهرة،دار البحوث العلمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
السنة المفترى عليها
المستشار سالم البهنساوي
عدد الأجزاء: ١.
عدد الصفحات: ٣٧٠.
أعده للمكتبة الشاملة / توفيق بن محمد القريشي، - غفر الله له ولوالديه -.
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي].
صفحة غير معروفة
المستشار
سالم علي البهنساوي
السُنَّة المُفتَرَى عليها
الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية
دار الوفاء - المنصورة.
دار البحوث العلمية - الكويت.
1 / 3
الطبعة الثالثة:
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
دار الوفاء - القاهرة
دار البحوث العلمية للنشر والتوزيع - الكويت.
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 5
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [سورة النور: الآية ٥١]
1 / 7
مع الكتاب المفترى عليه:
لقد صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب سنة ١٣٩٩ هـ - ١٩٧٧ م، وذلك للدفاع عن السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وكشف خصومها المُحْدَثينَ وَالقُدَامَى وَمَنْ نَافَقُوهُمْ من العلماء حيث زعم كبيرهم أنَّ السُنَّةَ قد تراخى تدوينها فأصحبت متعارضة ونادى بالاكتفاء بالقرآن الكريم وادَّعى أنَّ عليًَا دخل الجنة بحديث نبوي ودخل النار بحديث آخر، وأنَّ عائشة ناقصة عقل بحديث ويؤخذ عنها الدين بحديث آخر.
وكنا نودُّ أنْ تتضافر الجهود لهدم هذه البدعة والتي خصصت بعض الأجهزة الرسمية لنشرها وحراستها وتطويق من نابذها العداء، ولكن حمى الخلافات التي سادت المجتمعات العربية قد تسربت إلى عقول بعض الكُتَّاب الإسلاميين فطالب أحدهم بمصادرة الكتاب:
[أ] لأنه خالف الإجماع في عدة مسائل وهي في الحقيقة محل خلاف واختار المؤلف أقرب الآراء في نظره إلى القرآن والسُنَّة النبوية.
[ب] أو لأنه لا يكفر بعض المذاهب التي تسب الصحابة، ولم يستجب المؤلف لهذا أو ذاك واحتج بأنَّ منهج السلف هو ألاَّ نُكَفِّرَ الواحد المعيَّن ولا نحكم بتخليده في النار لأنَّ ذلك موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه. (مجموع الفتاوى: ٣/ ٢٣٠ و٧/ ٦١٩).
ولقد اجتمعت لجنة رسمية وأخرى أهلية لبحث هذه الاتهامات وانتهت إلى سلامة الكتاب مما وُجِّهَ إليه من المطاعن؛ بل أوضح بعض المتخصِّصِين أنَّ الكتاب هو المفترى عليه.
وها هي الطبعة الثالثة تصدر بعد أنْ تضمَّنَت المزيد من البحوث لتفنيد مزاعم من ظنوا أنهم من المُتخصِّصين في السُنَّة وهم من ألدِّ أعدائها بعلم أو بغير علم، كما تضمَّنت تفصيل الرد على المفتريات الموجَّهة ضد هذا الكتاب. كما نقل المؤلف الحوار الخاص بالشيعة إلى كتاب باسم الحقائق الغائبة بين الشيعة وأهل السُنَّة وأبقى الحوار الخاص بالأحاديث النبوية وأضاف بحوثًا إلى بعض الفصول وفصلًا كاملًا عن الوحي الإلهي والعقل.
الناشر
٢١ رمضان ١٤٠٨ هـ - ٧ مايو ١٩٨٨ م.
1 / 9
هذا الكتاب بين الشكل والمضمون:
ما أنْ ظهر كتاب " السُنَّة المفترى عليها "، حتى تلقيت أكثر من عتاب من أخوة، تركَّزت اعتراضاتهم في الآتي:
أولًا: عنوان الكتاب يفيد الافتراء على السُنَّة النبوية، مع أنَّ هذا لا قدرة للناس عليه، مما يتعيَّن معه تعديل عنوان الكتاب: والجواب على ذلك أنَّ اللفظ قد ورد في القرآن الكريم في ستين موضعاَ، نذكر منها قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [سورة الأنعام، الآية: ١٤٤]، [سورة الأعراف، الآية: ٣٧]، [سورة يونس، الآية: ١٧]، [سورة الكهف، الآية: ١٥].
وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ [سورة يونس، الآية: ٣٨] وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾ [هود: ١٣].
ثم قوله ﷿: ﴿فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [القصص: ٧٥].
وهذه المواضع تفيد أنَّ أعداء الله كانوا يفترون على الله ورسوله، وهذا لا يعني أنَّ ما زعموه صحيحًا، أو أنَّ استخدام هذه الكلمة تفيد التسليم لهؤلاء بالقدرة على تغيير شيء من الحق الذي جاء به القرآن والسُنَّة النبوية.
1 / 10
ثانيًا: الكتاب فيه دعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية وهذا التقريب غاية يهودية، وأدنى ما يقال عنه إنه تنازل من كل طرف عن بعض معتقداته، وهذا فساد كبير.
وقد غاب عن هؤلاء ما يأتي:
١ - إنَّ التقريب بين المسلمين ليس من أعمال اليهود، وأعمالهم قد نهى الله عنها في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: ١٠٥].
٢ - إنَّ النزاع والفرقة يؤدِّيان إلى الفشل والهزيمة إذْ قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٦].
٣ - إنَّ التقريب لا يعني تنازل كل فرقة عن بعض معتقداتها لتقترب من الآخرين، بل هو ما جاء في قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩].
٤ - حتى يتم التقريب بالرد إلى الكتاب والسُنّة، فإنه من الواجب أن نتعاون فيما اتفقنا عليه وأنْ يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.
ثالثًا: قيل إنَّ الكتاب جاء بمفهوم جديد للعصمة نفي عنهم الكفر إلا المعتقد أنَّ العصمة تتضمَّن الرواية عن الله مباشرة.
وقد تجاهلوا أنَّ أئمة السُنَّة لا يقولون بكفر هؤلاء، وتناسوا أنَّ العصمة التي حدَّدَ الكتاب معالمها، وحصرها في عصمة أئمة آل البيت في الرواية عن النبي ﷺ؛ قد ذهب فقهاء من أهل السُنَّة إلى أنَّ هذه العصمة لازمة لجميع الرُواة وليس للأئمة
1 / 11
من آل البيت فقط. فقد قال الإمام علي بن حزم: «كل عدل روى خبرًا قاله رسول الله ﷺ، فذلك الراوي معصوم من تَعَمُّدِ الكذب ومن جواز الوهم» وقال: «التبليغ المعصوم فيه كما هو إلى الصحابة، هو إلى غيرهم إلى يوم القيامة لأنَّ حفظ الدين لازم للصحابة كما هو لازم لمن بعدهم» (راجع " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم: جـ ١ ص ١١٧).
رابعًا: إنَّ الكتاب قطع بعدم وجود قرآن آخر عند الشيعة مع أنَّ مصحف فاطمة ورد ذكره في كتاب " الكافي " للكليني وفي مراجع أخرى لديهم. ولسنا ندري ماذا يضير الإسلام والمسلمين لو نقلنا عن فقهاء أخرين من الشعية - نقلًا صادقًا لا افتعال فيه - أنه لا يوجد لديهم قرآن آخر، وأنَّ ما كتب في ذلك روايات باطلة وهي من الإسرائيليات.
خامسًا: قيل إنَّ الكتاب أخذ برأي مرجوح في شأن سُنَّة الآحاد فأخذ بها في العقائد والمعجزات خلافًا لرأي الجمهور، وقد غاب عن هؤلاء أنَّ المنهج هو ما كان عليه صحابة رسول الله ﷺ، فكانو يعملون بأحاديث الآحاد في جميع الأمور طالما رواها العدل الضابط حسبما هو مُفصَّلٌ في الكتاب، كما أنَّ الفقهاء الذين قسَّموا السُنَّة إلى قطعية وظنية مجمعون على وجوب العمل بالسُنَّة كلها، لأنَّ هذا التقسيم قد جاء لبيان حكم من رَدَّ السُنَّة كما هو مُفَصَّلٌ في مواضعه، ولو علم أصحاب هذا المصطلح أنه سيكون مستندًا لاستبعاد حكم الله في الشؤون الدستورية وفي الحدود وفي الأمور الاقتصادبة - كما هو حاصل في عصرنا - لأبطلوا هذا التقسيم وأغلقوا باب هذه الفتنة التي يُصِرُّ عليها بعض المُقلِّدين.
سادسًا: قيل إنَّ الكتاب تعرَّض لموقف بعض العلماء ومنهم أصحاب المدرسة الإصلاحية، ومن يقولون إنَّ الإسراء كان بالروح فقط،
1 / 12
ومن يرُدُّون سُنَّةَ الآحاد في العقائد والمعجزات، وبهذا يكون قد وضعهم في عداد المفترين على السُنَّة النبوية.
وهذا الاستدلال غير صحيح، فلا تلازم بين المقدمة والنتيجة، ومع هذا فقد يفتري بعض العلماء على السُنَّة، وهم يحسبون أنهم يدافعون عنها كما فعل من ذكرنا في الفصل السابع والتاسع، وقد يظلم الإنسان نفسه ببعض الأعمال ولا يدرك ذلك. قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ [فاطر: ٣٢].
إنَّ هذه الاعتراضات وإنْ كانت لها أسباب أخرى عند بعض النقاد قد تجنح في كثير منها نحو الحزبية، إلاَّ أنها كانت سببًا في إعادة البحث في هذه الأمور وغيرها، وفي إضافة صفحات وبنود عن سُنَّة الآحاد، وعن الفتنة الكبرى، وعن مسألة تحريف القرآن، ومصحف فاطمة، وعن العصمة والبداء.
ونرجو أنْ يدرك أصحاب الرأي المخالف أنَّ الحد الأدنى من شعب الإيمان بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم، هو إصلاح النفوس حتى لا تحمل بغضًا ولا يبقى في قلوبنا غلٌّ للذين آمنوا بالله ورسوله. كما أنَّ نفي الكفر عن مذهب أو طائفة لا يعني صحة جميع ما لديهم ولا يتضمَّن الحكم بالإسلام لمن أظهر كفرًا بواحًا لنا فيه برهان من الله تعالى.
سالم علي البهنساوي
١٥/ ٥ / ١٤٠١ هـ - ٢١/ ٣ / ١٩٨١ م.
1 / 13
بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي هذا الكتاب:
لقد أرسل الله رسوله محمدًا ﷺ بالهُدى ودين الحق ليظهره على المناهج والنظم المحلية والعالمية. وفي هذا قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [الفتح: ٢٨].
وهذه الرسالة العالمية الخاتمة للرسالات النبوية والمُتَمِّمَة والمُهيمنة عليها، قد جاءت بفضائل الأعمال، ولهذا قد رضي بحكمها الشرفاء من الناس الذين لم يؤمنوا بها. وظل يعارضها من اصطدمت هذه الرسالة بمصالحهم ونزواتهم وسلطانهم الجائر على المستضعفين من الرجال والنساء والولدان.
ولقد كانت معارضة هؤلاء لهذه الرسالة، هي الطعن في صحتها وفي صدق الرسول والرسالة، وسلكوا لذلك وسائل مختلفة ولكن ما لبثت أنْ انهارت أمام الحقائق التي أحاط بها الباحثون عن الحق والعدل.
ولقد كانت توجيهات الله أن يعرض المسلم عن هؤلاء المعاندين والجاهلين لأنَّ تعصُّبهم وجهالتهم ستزين لهم التكذيب دائمًا، قال تعالى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾ [الحجر: ١٤، ١٥].
1 / 14
كما كانت توجيها الله أنْ تمنع المسلم عن جدال أهل الكتاب من اليهود والنصارى إلاَّ بالتي هي أحسن ليتفرَّغ المسلمون إلى ما هو أجدى وأنفع، قال تعالى: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [الشورى: ١٥].
ولقد افترى كثير من المشركين وأهل الكتاب على النبي ﷺ وعلى الرسالة التي جاء بها والممثلة في القرآن الكريم وفي السنة النبوية.
فقد وصف دِرْمِنْجْهَمْ القرآن بأنه (قصص يسمى قصص محمد وقد ورد فيه أنَّ الإسلام يجيز اشتراك جملة رجال في زوجة واحدة) كما زعم كل من نيقولا دوكور وهو تنجر ومراشي وبيبلندر وبريدو أنَّ محمدًا رجل كاذب وأنَّ الإسلام من أعمال الشياطين وأنَّ المسلمين قوم هُمَّج والقرآن كتاب متناقض.
أما البابا اينوشاتيوس الثالث فقد زعم أنَّ محمدًا هو المسيح الدجال، هذه المزاعم وغيرها وردت في كتاب انتشر في الغرب واسمه " حاضر الإسلام "، ومؤلفه هولوثروب ستوارد (جـ ١، ص ١٦، ٨٣، ٨٥) وتوجد مزاعم أخرى في كتب ومؤلفات مماثلة قديمًا وحديثًا ولم تمنع هذه من دخول الغربيين في الإسلام، بأعداد كبيرة، بل تكوَّنت منظمات إسلامية في أمريكا وكندا وأوروبا وألمانيا وقد أخذت على عاتقها نشر الإسلام بين هذه الشعوب.
أمام هذا الفشل؛ نقلت المعركة داخل صفوف المسلمين بعد أنْ تحوَّل المبشِّرُون والمستشرقون من العداء الصريح والتكذيب المفضوح إلى التسليم بالإسلام في جانب ثم الطعن فيه من جانب أخر.
1 / 15
أ - فوجدنا بين المسلمين من يزعم أنَّ السُنَّة النبوية لم تُدَوَّن إلاَّ بعد مدة طويلة تثير الشك في نسبتها إلى النبي ﷺ مما يجعلها غير ملزمة في زعمهم.
وهذا أساسه ما زعمه المستشرق اليهودي جولدتسيهر من أنَّ ألوف الأحاديث النبوية من صنع علماء الإسلام في الطبقات التالية لعصر الصحابة.
ب - ووجدنا بين المسلمين من يزعم أنَّ علماء الحديث لم يبحثوا في صحة متن الحديث مما أدخل على السُنَّة ما ليس منها.
جـ - ومن المسلمين من ردَّ أحاديث الآحاد في أمور العقيدة وفي المعجزات وفي الأمور الدستورية وفي الحدود.
د - ومن المسلمين من ادَّعى أنَّ السُنَّة لا تستقل بتشريع الأحكام ومن ثم فلا يعمل بها إنْ أتت بحكم ليس في القرآن الكريم.
وكما وجد خلاف حول قدرة السُنَّة النبوية على تخصيص عموم القرآن ونسخ بعض أحكامه، وحول شبهة التعارض بين النصوص الشرعية.
إنه ليس غريبًا أنْ يفتري أعداء الإسلام على السُنَّة النبوية، فهذه رسالتهم في الدنيا ولا ضرر على الإسلام من هؤلاء لأنَّ كفرهم ظاهر. إنما يتجسَّدُ الضرر والخطر في أولئك الذين ينتسبون إلى الإسلام ثم يُحرِّفُون نصوصه في القرآن أو السُنَّة النبوية، أو يسعون إلى الشهرة أو السلطة على حساب هذا الدين، إما لجهل أو لعمالة ظاهرة أو مستترة.
ولئن كان خطر هؤلاء هو كونهم يهدمون الإسلام من داخله وباسم الإسلام. فإنَّ نبي الإسلام قد أخبر عنهم وأرشد إلى مجاهدتهم، فروى عنه
1 / 16
الإمام مسلم قوله: «ما بعث الله من نبي إلاَّ كان له من أمَّته حواريون وأصحاب يأخذون بسُنَّته ويتقيَّدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ما لا يؤمرون به، فمن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
من أجل ذلك فقد فصل هذا الكتاب الشبهات التي قذف بها المستشرقون وسائر أعداء الإسلام، افتراء على الله فيما يتعلق بالسُنة النبوية التي تحولت المعركة إليها بالإنكار أو التطوير، لأنَّ هدمها هدم للدين وإضعافها إضعاف له، كما أنَّ نصر السنة وإظهارها نصر للإسلام وإظهار له على غيره.
وإذا كان الهدف من ذلك هو كشف وسائل هؤلاء هؤلاء الأعداء سواء كانوا كفار الصرحاء أو كانوا من المنافقين الذين يرتدون ثياب هذا الدين، فإنَّ الكتاب أيضًا قد فصل الأمور التي اختلف فيها المسلمون الأوائل حيث استغل العلمانيون وأعداء الإسلام هذا الخلاف لخدمة العلمانية، كما هو حاصل في استبعاد سنة الآحاد في الشؤون الدستورية وفي الحدود استنادًا إلى ما وقع من خلاف حول قطعية ثبوتها.
كما كشف الكتاب أخطاء العلماء الذين حاولوا الدفاع عن الإسلام بالتسليم بأمور ليست منه، ثم محاولة تبريرها والدفاع عنها بدفاع ليس من الإسلام في شيء.
ونأمل أنْ تكون فصول الكتاب العشرة، قد تحقَّقت هذه الأغراض، وبالله وحده نعتصم ونتأيد.
سالم علي البهنساوي
1 / 17
الفَصْلُ الأَوَّلُ: بَيْنَ الرَّسُولِ وَحَقِيقَةِ السُنَّةِ:
- حقيقة السنة النبوية ومكانتها.
- أنواع السُنَّ ووظيفة الرسول.
- الجماعات الإسلامية والمنهج النبوي.
- السُنَّة بين النصارى والأعراب.
- استقلال السُنَّة بالحكم الشرعي.
1 / 19
١ - حَقِيقَةُ السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَمَكَانَتُهَا:
السنة في اللغة العربية هي الطريقة والأسوة الحسنة أو السيئة. وفي هذا المعنى روى الإمام مسلم أن النبي ﷺ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُِ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».
والسنة في القرآن الكريم هي التطبيق العملي للقرآن الكريم، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣].
وبهذا المعنى اقترنت السنة بالكتاب، فكان التمسك بها كالتمسك بالقرآن وهجرها هجر له، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].
وبهذا فالبدعة هي أن يدخل المسلم على الدين ما ليس منه، وفي هذا روى الإمام مسلم أن النبي ﷺ قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ». وفي رواية البخاري: «مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».
1 / 21
كما روى الإمام مسلم أنه ﷺ قال: «فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ﷺ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ».
والسنة النبوية عند علماء الأصول هي كل ما ثبت عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير.
والسنة بهذا تكون مع القرآن الكريم المصدر الأساسي للتشريع الإسلامي. وفي هذا قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [النساء: ٥٩].
لما كان ذلك كذلك فإنه ليس بمسلم من ردِّ السنة النبوية حتى لو زعم أنه يؤمن بالقرآن الكريم ويعمل به، لأنَّ ردَّ السنة تكذيب لدعواه الإيمان بصدق القرآن، لأنَّ الله يقول: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]، والمؤمن لا يمكن أنْ يتلمس من القرآن ما يظن أنه يناقض بعضه أو يناقض سنة النبي لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٤]. وقد روى أحمد وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ قَوْمًا يَتَدَارَؤُونَ (١) فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا ضَرَبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا نَزَلَ كِتَابُ اللَّهِ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَلاَ تُكَذِّبُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَمَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ فَقُولُوا بِهِ وَمَا جَهِلْتُمْ فَكِلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ».
إنَّ الذين يَرُدُّونَ السنة النبوية في عصرنا قد يقولون إنهم لاَ يَرُدُّونَ السنة التي لم تَرِدْ في القرآن الكريم، وهؤلاء قد أخبر عنهم النبي ﷺ وذلك في حديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ونصه: «أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا القُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ
_________
(١) يتدافعون في الخصومة في فهم القرآن.
1 / 22
حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ» (١)، وأما الاحتجاج بحديث: «فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني وما أتاكم يخالف القرآن فليس مني» فهو من وضع الزنادقة كما قال الشافعي والمديني شيخ البخاري (" لمحات في أصول الحديث " للدكتور محمد صالح: ص ٣٧).
فالقرآن والسنة كلاهما من عند الله تعالى والرسول ليس إلاَّ مبلِّغًا وقد عصمه الله من الخطأ في التبليغ إذْ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧].
إنَّ الإجماع منعقد على أنَّ من رَدَّ السنة النبوية فقد ارتدَّ عن الإسلام، وفي هذا قال الفقيه ابن حزم الأندلسي: «لَوْ أَنَّ امْرِءًا قَالَ: لاَ نَأْخُذُ إِلاَّ بِمَا وَجَدْنَا فِي القُرْآنِ لَكَانَ كَافَرًا بِإِجْمَاعِ الأُمَّةِ» (٢).
إنَّ الله الذي عصم النبي في أداء الرسالة قد تعهَّد بحفظها فقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]، ولهذا كان الوحي يستدرك على الرسول إنْ اجتهد قبل أنْ ينزل الوحي. وفي هذا روى الترمذي وابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في " الدلائل " عن ابن مسعود قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِيئَ بِالأَسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ اسْتَبْقِهِمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. ولم يرد عليهم شيئًا فَقَالَ أُنَاسٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِى بَكْرٍ، وَقَالَ أُنَاسٌ: يَأْخُذُ بِرِاْيِ عُمَرَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُلَيِّنُ قُلُوبَ رِجَالٍ
_________
(١) الحديث رواه أبو داود كما أخرجه بسياق آخر الترمذي في " باب العلم " وابن ماجه في " المقدمة " حديث رقم ١٢، المرجع " سنن أبي داود لشرح الخطابي ":ج ٥ ص ١٠، وانظر " التاج الجامع للأصول ": ج ١ ص ٤٦ والبند ٣ ص ٢٤.
(٢) " الأحكام في أصول الأحكام " لابن حزم: جـ ١ ص ١٠٩.
1 / 23
فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ وَإِنَّ اللَّهَ يُشَدِّدُ قُلُوبَ رِجَالٍ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ (مَنْ تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرَ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ) وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ (رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا). ثُمَّ قَالَ ﷺ: «أَنْتُمْ عَالَةٌ (أي فقراء) فَلاَ يَنْفَلِتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الأًسْرِى إِلاَّ بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (١).
وبهذا عصم الله الرسالة من الخطأ في الاجتهاد وأنزل القرآن بهذه الحقيقة.
كما اجتهد ﷺ في إعراضه عن ابن أم مكتوم، وهو الأعمى الذي جاءه وهو مشغول بعرض الإسلام على زعماء قريش وفيهم أبو جهل وعتبة بن ربيعة حسبما رواه الترمذي والحاكم وابن حبان عن عائشة وقد كان النبي يرجو إيمانهم فنزل قول الله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى، فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى، وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى، وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ (٢)
_________
(١) الآيات السابقة بهذا الترتيب في سورة إبراهيم آية ٣٦، المائدة ١١٨، ويونس ٨٨، ونوح ٢٦، والأنفال ٦٧، ٦٨.
(٢) [عبس: ١ - ١٠].
1 / 24
إنَّ الله الذي حفظ القرآن والسنة هو المدافع عمَّن تمسك بهما إذْ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ [الحج: ٣٨].
ولقد تكفَّل الله بنصره الذين ينصرون الإسلام الممثل في القرآن والسنة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: ٧].
لقد هزم الله المسلمين الذي هزموا الإسلام في أنفسهم وأهليهم وبلادهم وهزم الذين أضعفوا السنة النبوية وإنْ صلُّوا وصاموا وتبتلوا!!
٢ - نُزُولُ الوَحْيِ بِالسُنَّةِ:
وكما نزل الوحي بالقرآن فقد نزل بالسنة وأخذ صورًا متعددة نذكر منها:
[١] النفث في الروع أي إلقاء المعنى في قلب النبي الذي قال: «إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أنّهُ لنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتّى تَسْتَوْفِي رِزْقَها وَأَجَلَهَا فاتّقُوا الله وأجْمِلُوا في الطَّلبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حُرِّمَ» (رواه ابن حبان في " صحيحه " وابن كثير في " التفسير " جـ ٤ ص ١٢١).
[٢] نزول جبريل في صورة بشر يسأل النبي ليُعَلِّمَ الناس ويتعلَّمُوا وفي هذا روى مسلم والبخاري في " كتاب الإيمان " أنَّ النبي أتاه رجل سأله عن الإيمان والإسلام والإحسان فأجابه ثم خرج فقال: «رُدُّوهُ» فلم يروا شيئًا فقال النبي: «هذا جبريل جاء يعلِّم الناس دينهم».
[٣] نزول جبريل في صورته الملائكية وفي هذا روى البخاري ومسلم أنَّ النبي قال: «بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ، جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ».
1 / 25