الكلام على قوله تعالى ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
يَتَوَكَّلُونَ﴾ (١).
وقول النبي ﷺ: "إِنَّمَا الربا في النسيئة" (٢).
وقوله: "إِنَّمَا الشهر تسع وعشرون" (٣).
وغير ذلك من المنصوص، ويقال: إِنَّمَا العالم زيد، ومثل هذا لو أريد به الحصر، لكان لغزًا وقد يقال: إن أغلب مواردها لا تكون فيه للحصر، فإن قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النساء: ١٧١] لا تفيد الحصر مطلقًا فإنَّه ﷾ له أسماء وصفات كثيرة غير توحده بالإلهية، وكذلك قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [الأنبياء: ١٠٨]، فإنَّه لم يحصر الوحي إِلَيْهِ، في هذا وحده، وكذلك قوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ [الرعد: ٧]، ومثل هذا كثير جدًّا، وما يبين عدم إفادتها للحصر قوله ﷺ:
"مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنَ عَلَي مثله الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٤).
فلو كانت "إِنَّمَا" للحصر لبطلت أن تكون سائر آيات النبي ﷺ ومعجزاته سوى القرآن آيات له تدل عَلَى ﴿معرفة﴾ وهذا باطل قطعًا، فدل عَلَى أن: "إِنَّمَا" لا تفيد الحصر في مثل هذا الكلام، وشبهه.
والصواب: أنا تدل عَلَى الحصر.
ودلالتها عليه معلومة بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط، والاستفهام، والنفي، والنهي، وغير ذلك، ولهذا تتوارد "إِنَّمَا" وحروف النفي، والاستفهام في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٥)، فإنَّه كقوله: ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ
_________
(١) الأنفال: ٢.
(٢) أخرجه مسلم (١٥٩٥) من حديث أسامة بن زيد، وكذا البخاري (٢١٧٨ - ٢١٧٩) بلفظ: "لا ربا إلا في النسيئة".
(٣) أخرجه مسلم (١٠٨٠)، وعند البخاري (١٩٠٧) بلفظ: "الشهر تسع وعشرون".
(٤) أخرجه البخاري (٤٩٨١، ٧٢٧٤)، ومسلم (١٥٢، ٢٣٩).
(٥) التحريم: ٧.
2 / 774