الكلام على قوله تعالى ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وكذلك قوله: ﴿إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (١)، فإن المراد به أنَّه لم يُوحَ إليَّ في أمر الإلهية إلا التوحيد لا الإشراك.
والعجب أن أبا حيان الأندلسي أنكر عَلَى الزمخشري ادعاء الحصر في هذه الآية لاستلزامه عنده أنَّه لم يوح إِلَيْهِ غير التوحيد.
قال: إن الحصر إِنَّمَا تلقي من جهة "أنما" المفتوحة الهمزة.
قال: ولا يعرف القول بإفادتها الحصر إلا عن الزمخشري وحده، ورد عليه شيخنا أبو محمد بن هاشم بناء عَلَى أن "أن" المفتوحة فرع عن "إن" المكسورة عَلَى الصحيح.
قال: ولهذا صح للزمخشري أن يدعي أنها تفيد الحصر كـ "إِنَّمَا"، انتهى.
وهذا كله لا حاجة إِلَيْهِ في هذه الآية فإن الحصر مستفاد فيها من "إِنَّمَا" المكسورة التي في أول الآية، فلو فرض أن "أنما" المفتوحة لا تفيد الحصر لم ينتف بذلك الحصر في الآية عَلَى ما لا يخفى، وكذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ﴾ (٢) أي: لست ربًا لهم ولا مجازيًا، ولا محاسبًا، وليس عليك أن تجبرهم عَلَى الإيمان، ولا أن تتكلف لهم طلب الآيات التي يقترحونها عليك، إِنَّمَا أنت منذر، فليس عليك إلا الاتباع كما قال: ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ (٣)، وقال: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ (٤).
ومن هاهنا يظهر الجواب عن قوله: "وإنَّما كان الَّذِي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي" فإنَّه قال: "ما من نبي إلا قد أوتي من الآيات ما آمن عَلَى مثله
_________
(١) الأنبياء: ١٠٨.
(٢) النازعات: ٤٥.
(٣) الرعد: ٤٠.
(٤) الغاشية: ٢١ - ٢٢.
2 / 781