موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط ٣
الناشر
(بدون ناشر)
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٣٦ هـ (صرح المؤلف بأن هذه الطبعة ناسخة لما قبلها)
تصانيف
(٢) روى مسلم في صحيحه من طريق محمد بن سيرين، وهمام بن منبه كلاهما
عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله ﷺ: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب (^١).
فالطهارة التي ذكرها رسول الله ﷺ لهذا الإناء ليست من الحدث، ولكنها طهارة من الخبث، وهي النجاسة، ومع ذلك اعتبرها الشارع طهارة شرعية، بل لو قيل: إن الطهارة من النجاسة هي الأصل في إطلاق الطهارة لم يكن القول بعيدًا من حيث اللغة؛ لأن الطاهر عكس النجس، بخلاف طهارة الحدث فإنها ليست عن نجاسة، وقد لا يزال بها وساخة.
وبهذه الأدلة تبين لنا أن رفع الحدث طهارة، وزوال النجاسة طهارة أيضًا. وقد جمع الله ﷾ طهارة الحدث، وطهارة النجاسة في آية واحدة في سورة البقرة على القول الصحيح. قال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) [البقرة: ١٢٢].
فقوله سبحانه: (حَتَّى يَطْهُرْنَ). أي من النجاسة، التي هي انقطاع دم الحيض. وقوله: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ): أي من الحدث الأكبر بالغسل بعد الطهارة من الحيض.
النوع الثالث: هناك طهارة لا يرتفع بها الحدث، ولا تزال بها النجاسة، وهي مع ذلك طهارة شرعية. سماها الفقهاء: (في معنى ارتفاع الحدث)، وفي معنى إزالة النجاسة.
فالطهارة التي في معنى ارتفاع الحدث كتجديد الوضوء، فهو طهارة شرعية، ومع ذلك لم يرتفع بها الحدث؛ لأن الحدث قد ارتفع، ومثله الأغسال المستحبة شرعًا، ومثله الغسلة الثانية والثالثة في الوضوء، ومثله تغسيل الميت.
والطهارة التي في معنى إزالة النجاسة طهارة المستحاضة، فإنه يحكم لها بالطهارة
_________
(^١) مسلم (٩١، ٢٩ - ٢٧٩).
1 / 20