التدوين المبكر للسنة بين الدكتور صبحي الصالح والمستشرقين
الناشر
بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي حول معالم التجديد في فكر الدكتور صُبْحِي الصَّالِح ﵀ (المنعقد في جامعة الجنان ٣ و٤ تشرين الثاني ٢٠٠٦ م).
تصانيف
والتعويل على هذا التدوين في عصر مبكر يبدأ أيضًا في مطلع القرن الهجري الثاني، وليس في حياة الرسول - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -» (٧٠) يرى أن هذا «لا يختلف في شيء عن غاية جولدتسيهر» (٧١).
الرَدُّ عَلَى دُوزِي:
أما المستشرق دوزي، وبعد ذكر عبارته معدلة، لأنها - على ما قال - «أوقح من أن نوردها على حالها» (٧٢)، والتي مفادها أن الكثير «من الموضوعات والمكذوبات تتخلل كتب الحديث» (٧٣) وأنها «تشتمل على أمور كثيرة يود المؤمن الصادق لو لم ترد فيها» (٧٤)، هذا مع العلم أنه قَدَّمَ لكلامه بمداخلة اعترف فيها بصحة قسم كبير من السنة النبوية التي حفظت في الصدور ودونت في الكتب بدقة بالغة وعناية لا نظير لها» (٧٥)، فهو لعله «يخدع برأيه المعتدل كثيرًا من علمائنا فضلًا عن أوساط المتعلمين فينا» (٧٦). ولكنه لم يكن غرضه خالصًا للعلم والبحث المجرد «حين مال إلى الاعتراف بصحة ذلك النصيب الكبير من السُنَّةِ، وإنما كان يفكر أولًا وآخرًا بما اشتملت عليه هذه السُنَّةُ الصحيحة من نظرات مستقلة في الكون والحياة والإنسان، وهي نظرات لا يدرأ عنها استقلالها النقدُ والتجريح، لأنها لم تنبثق من العقل الغربي المعجز، ولم تصور حياة الغرب الطليقة من كل قيد» (٧٧).
ولأن هؤلاء المستشرقين لم يكونوا متجردين تمامًا عند بحثهم لهذه الأمور العلمية، فإن الدكتور الصالح يرى أنه لا يمكن أن نكون عالة عليهم «في تحقيق شيء يتعلق بماضي ثقافتنا، وسنكون منهم على حذر في كل ما يؤرخونه لحضارتنا» (٧٨).
وهكذا نراه يقرر هذه النتيجة الكلية التي تنطبق على كل ما جاء به المستشرقون فلا بد للباحث أن يكون من ذلك على حذر.
وللتأكيد على عدم الوثوق المطلق بما حققه المستشرقون، انتقل الدكتور الصالح ﵀ إلى موضوع آخر يتصل بتدوين السنة، وقد تخبط فيه المستشرقون أيضًا، وهو ما قاله جولدتسيهر من «أن
_________
(٧٠) المرجع السابق.
(٧١) المرجع السابق.
(٧٢) " علوم الحديث ومصطلحه ": حاشية ص ٢٦.
(٧٣) " علوم الحديث ومصطلحه ": ص ٢٥.
(٧٤) " علوم الحديث ومصطلحه ": ص ٢٦.
(٧٥) " علوم الحديث ومصطلحه ": ص ٢٥.
(٧٦) المرجع السابق نفسه.
(٧٧) " علوم الحديث ومصطلحه ": ص ٢٦.
(٧٨) المرجع السابق.
1 / 14