غير مختلفين، فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام " (١).
وقد حرص النبي ﷺ على اجتماع كلمة المسلمين وحثهم على ذلك، فعن أبي هريرة ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا، فيرضى لكم: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، ...» (٢)، وحذر ﷺ من الخروج على ولاة الأمور وإن رأى ما يكره، فعن ابن عباس ﵄، قال: قال النبي ﷺ: «من رأى من أميره شيئًا فكرهه فليصبر، فإنه ليس أحدٌ يفارق الجماعة شبرًا فيموت، إلا مات ميتةً جاهليةً» (٣)، فهذا كله من حرص الشريعة على الاجتماع ووحدة الصف؛ لتقوى بذلك شوكة المسلمين، ويصلح به حالهم.
ومما يعين على ذلك، الحوار المنهجي الذي يجعل من المبادئ الإسلامية منهجيته، وآدابه مسلكًا له إلى تحقيق الهدف؛ لذلك أثمرت حوارات مصعب بن عمير ﵁ مع الأنصار، فقد توحدت صفوفهم واجتمعت كلمتهم، بعد أن كانت الحروب والصراعات قائمة بين الأوس والخزرج، فقد دخلوا الإسلام وأصبحوا
(١) السعدي: مصدر سابق، ص١٤١. (٢) مسلم: مصدر سابق، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة ...، ص٨٦٤، رقم (١٧١٥). (٣) البخاري: مصدر سابق، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، ٩/ ٦٢، رقم (٧١٤٣).
1 / 97