مع عدم الإصرار على إقناع الطرف الآخر.
وهذا شيء من الإيضاح لكل ضابطٍ كما يأتي:
أولًا: ضرورة العلم بالقضية المطروحة للنقاش:
لا بد للمحاور من معرفة القضية المطروحة للنقاش والعلم بها، بل وتكون واضحة المعالم، لأن " المطلوب هو الوضوح في طرح الأفكار والتدليل عليها " (١)، ولا يكون ذلك إلا إذا فهم المتحاورون موضوع الحوار المراد نقاشه، إذ كيف يعرض الإنسان أفكاره أو يناقش قضية لا يحيط بها علمًا،وهذا ما جعل مصعب بن عمير ﵁ يجيد عرض ما يريد على من يتحاور معهم، فقضيته واضحة ومعلومة لديه وقد عرضها بأحسن أسلوب، وهو بيانها عن طريق قراءة آيات من القرآن الكريم على مسامعهم.
فقد كان العلم بموضوع الحوار واضحًا عند مصعب بن عمير ﵁ وكذا عند صاحبيه رضوان الله عليهم، في أنه أتى بدين جديد يخالف ما هم عليه يريد أن يعرضه عليهم، فوافق أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ ﵄، فكان مما قاله مصعب بن عمير ﵁، " أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كفّ عنك ما تكره؟ فقال: أنصفت " (٢)، وهما يعلمان أن القضية التي سيطرحها، دين جديد يخالف دين آبائهم وأجدادهم، فقبلا ذلك فسار الحوار في أحسن حال، حتى تحقق الهدف المنشود عند مصعب بن عمير ﵁، وهو نشر الدين الإسلامي.
_________
(١) عاشور، سعد عبدالله: مصدر سابق، ص٩٧.
(٢) ابن هشام: مصدر سابق، ١/ ٤٣٥.
1 / 56