إن النبي ﷺ يأخذ بأقل المصلحتين ضررا، فهو يداري ﷺ في هذا الحوار ذلك الكافر ويدفع الضرر بقدر المستطاع، قال تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (١). قال العز بن عبدالسلام: (الحسنة) المداراة و(السيئة) الغلظة، وادفع بحلمك جهل الجاهل عليك أو ادفع بالسلام إساءة المسيء (٢).
فأسلوب المداراة يعين المربي كثيرًا وخاصة في المواقف الحرجة، وذلك في دفع ضرر أو الخروج بأقلهما ضررا. "قال ابن بطّال ﵀: المداراة: خفض الجناح للنّاس، ولين الكلام وترك الإغلاظ لهم في القول. وقال ابن حجر: المداراة الدّفع برفق" (٣).
ولا تزال السنة النبوية مليئة بالحوارات الكثيرة، فترى في جميع المراحل العمرية (الطفل-الشاب-الشيخ)، ومع الجنسين (الذكر-الأنثى)، وحتى مع غير المسلمين يتجلى فيها الخلق العظيم والأدب الرفيع في نبينا ﷺ (٤).
_________
(١) سورة فصلت: آية (٣٤).
(٢) عبدالسلام، عز الدين عبدالعزيز: تفسير القرآن، دار ابن حزم، بيروت، ط١، ١٤١٦هـ، ٣/ ١٣١.
(٣) بن حميد، صالح بن عبد الله: نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم ﷺ، دار الوسيلة جدة، ط٤، ١٤٢٦هـ، ٨/ ٣٣٥٨.
(٤) ينظر: سعيد إسماعيل صالح صيني: الحوار النبوي مع المسلمين وغير المسلمين،مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الرياض، ط١، ١٤٢٦هـ.
1 / 49