جالب السرور لربات الخدور

عبد الكريم الحميد ت. غير معلوم

جالب السرور لربات الخدور

الناشر

بدون ناشر فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

جالب السرور لربات الخدور كتبه الشيخ عبد الكريم بن صالح الحميد حفظه الله تعالى

صفحة غير معروفة

تقرئين في هذا الكتاب إن العيون لها كلام صامت ... قد لا يعبر عنه كل لسان! لغة العيون بليغة وصريعها ... لا يُفْتدى وهو الجريح العاني! إن تقربي ركب الغُواة فإنما ... ركب الغواة إلى الجحيم يسير ما أجمل الدين الذي صرنا به ... بين الهداية والضلال نفرّق! من ذا يقول بأن من ... يدعو النساء إلى السفور خيرًا يريد بقوله ... لا .. والذي مرج البحور! لا تُخدعي إن الجمال لفي التُّقى ... وستذكرين نصيحتي يوم اللقا لكنه ذكْر يفوت آوانه ... إذ ما هناك سوى السعادة والشّقا فتأهبي للموت قبل نزوله ... ماذا لديك من الوسائل للبقا؟!! دعي داع دعاك إلى السعير ... أفيقي قبل قاصمة الظهور أما للقبر سعيك كل يوم ... وبعد القبر صائحة النشور قالوا السفور تقدم فتقدمي ... بشجاعة فارم الحجاب وأقدمي! من تستجيب لدعوة هدّامة ... للدين فهي على طريق جهنم إن الحرائر إن مشين سوافرًا ... بين الرجال فعرضهن مهدّر كم من يُغَرّ بأنه متمسك ... بالدين وهو مغرر بأماني!! أين العقول وأبن الدين أين هما ... وهل نعيش بلا عقل ولا دين!!

1 / 1

لا يرتجى الخير من شر ولو كثرت ... فيه الأقاويل من مدح وتهوين! أنظر لعمرك إنه متقلّص ... كالظل .. وانظر سرعة الأيام عند انتهاء الخطْو تعلم أنما ... قد كنت في لهو وفي أحلام! إن السفور وسيلة لمفاسد ... تربو على الإحصاء والتبيان أنسيتموا ما حل فيمن قلنا ... من شؤم ما عملوا من العصيان! الشيخ/ عبد الكريم الحميد

1 / 2

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله الهادي إلى أقوم طريق، والصلاة والسلام على الرحيم بأمته الناصح الشفيق .. ... أما بعد .. فهذه ذكرى لعلها أن تصادف من في قلبها حياة فتزداد بها إيمانًا وتقوى، أو تصادف من قلبها تائه في أودية المهالك، فلعلها تؤوب وتنوب بعد أن سلكت تلك المسالك. وتعلم أنها لم تخلق لتلهو وتلعب، وتأكل وتشرب، فبالله ما الفرق بين هذه وبهيمة الأنعام إلا أمان البهيمة من سوء المنقلب. الأمر أكبر وأخطر مما يتصوره اللاهون، ويتخيله الغافلون ويظنه الجاهلون، (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ).

1 / 3

إذا قيل .. إنك جميلة إذا قيل إنك جميلة، فهل يعني هذا أن تعرضي جمالك في أسواق الفساد والرذيلة، سائلي نفسك إن كنت نبيلة، أبهذا أمرت أم لهذا خلقت؟ أم تطمعين أن تكون للفجرة خليلة؟. إن الجمال نعمة إذا كان مصونًا محفوظًا عن الأدناس، وهو نقمة إذا كان سلعة تعرض على فجرة الناس. إن الصورة الجميلة إذا عُرضت للفتنة، بقيت في سخط الإله وصارت على صاحبتها بلية ومحنة. وكذلك الصوت الجميل، إذا استعمل في الغناء والأباطيل فهو صوت بغيض للجليل. إن الذي خلق الصور والأصوات، أراد أن تُستعمل في طاعته لا باتباع الهوى والضلالات، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا).

1 / 4

لا تخدعي إن الجمال لفي التُّقى ... وستذكرين نصيحتي يوم اللقا لكنه ذكر يفوت أوانه ... إذ ما هناك سوى السعادة والشقا فاليوم توبي واخلعي ثوب الهوى ... هو ثوب سوء ما يزال مخرّقا وتأهبي للموت قبل نزوله ... ماذا لديك من الوسائل للبقا كم قد رأيت صحيحة ما راعها ... إلا النذير إلى المقابر سائقا

1 / 5

سكر الهوى خرجت بزينتها لعرض جمالها ... بعباءة زعمت ستستر حالها شغلت عيونًا مع قلوب أسلمت ... داعي الهوى أرسانها ورِحالها شعرت بأن الكل ينظر نحوها ... راع الخلائق حسنها وجمالها يا فرحة غمرت فؤاد غريرة ... ظنت سعادتها يهل هلالها فرحت بسخط إلهها وتنعمت ... بشقاوة حلت بها أثقالها لقد رأوك في السوق، بملابس الفجور والفسوق، خالعة جلباب الحياء، مسخطة من في السماء، مرضية من يجري منك في العروق، علموا أنك تزينت وتبرجت للناظرين، فاستجابت لك عيون الفاسقين، وتمنوا لو رأوك عارية كيوم تولدين، ليشبع منك نهمهم، ويقضوا منك وطرهم، وأنت وهم في غفلة عن عواقب هذا الأمر العظيم، وكأن من عصى الإله لم يُتوعد بنار الجحيم، إنك في سكر الهوى غاوية،

1 / 6

وعن ربك لاهية، ولدينك ناسية، والله لقد أصبت بداهية، ولكنك لا تشعرين. دعي داع دعاك إلى السعير ... أفيقي قبل قاصمة الظهور أما للقبر سعيك كل يوم ... وبعد القبر صانحة النشور جمالك قشرة وإلى زوال ... ولا تدرين عاقبة الأمور جمالك صار مجلبة لداء ... هو الإعجاب داعية الغرور سيذبل بعد يوم ثم يوم ... ويأتي الغم من بعد السرور لبست البنطلون، ووقفت ساعات أمام المرأة، ولسان حالها يقول هذه الكلمات، أين أنتم يا من ينظرون؟! لقد خرجت المسكينة من الوقار والسكينة إلى هَوَج يشبه الجنون!!. برزت في الأسواق تتبختر، قال لها إبليس لم يرك أحد إلا هام وتحيّر، أنت من الحور ولست من البشر، هي غافلة عن الغَرور (١)، ونفسها الأمارة بالشرور، ولو عاد لها عقلها ساعة، لتفكرت في قبح البضاعة، وأنها قشرة على أنجاس في غاية الفضاعة!!.

(١) الغرور: الشيطان.

1 / 7

دواء للنساء والرجال من الإعجاب والكبر قال بعضهم: يا مُظهر الكبر إعجابًا بصورته ... أنظر خلاك فإن النتن تثريب لو فكر الناس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبان ولا شيب هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ... وهو بخمس من الأقذار مضروب أنف يسيل وأذن ريحها سهك ... والعين مرمصة والثغر ملعوب يا ابن التراب ومأكول التراب غدًا ... أقصر فإنك مأكول ومشروب الرجيع في الأمعاء. والبول في المثانة. والمخاط في الأنف. والبزاق في الفم. والوسخ في الأذنين. والصديد تحت البشرة. والصنان تحت الإبط. ويغسل الغائط كل يوم مرتين. قال ابن مسعود ﵁: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها.

1 / 8

يبين قول ابن مسعود ما قاله مالك بن دينار: إن لم تتعطر زفِرَت. وإن لم تستك بخِرَت وإن لم تمتشط وتدّهن قمِلت وشعثت. وإن تُعمّر عن قليل هرمت. ذات حيض وبول وأقذار جمة.

1 / 9

الحجاب [حوار مع فتاة نصرانية] جاءت فتاة نصرانية لأحد العلماء، وقالت له: أنا عرفت عن الإسلام الشيء الكثير، وقد أعجبت بهذا الدين وأحكامه، وأحببته حبًا كثيرًا، ولكن حكمًا واحدًا صار سببًا لعدم دخولي في الإسلام، وقد ناقشت حوله عدة أشخاص فلم أحصل منهم على جواب مقنع، وإذا استطعت أنت –أيها العالم- أن تبين لي فائدة هذا الحكم فإنني سأدخل في الإسلام؟ فقال العالم: وما هو ذلك الحكم؟ فقالت: حكم الحجاب، فلماذا فرض الإسلام الحجاب على المرأة؟، ولماذا لا يتركها تخرج سافرة كالرجل؟ فقال العالم: هل ذهبت إلى سوق الصاغة، وإلى المحلات التي تُباع فيها الذهب والمجوهرات؟.

1 / 10

فقالت الفتاة: نعم. فقال العالم: هل رأيت أن الصائغ قد وضع الذهب والمجوهرات في الصندوق وقفل باب الصندوق؟. فقالت: نعم. فقال لها: لماذا لم يترك المجوهرات في متناول الأيدي؟ ولماذا أودعها في الصندوق المقفول؟ فقالت: لكي يحرسها من اللصوص والأيدي الخائنة. فقال لها: وهذه هي فائدة الحجاب، إن المرأة ريحانة .. المرأة جوهرة .. ياقوتة يجب المحافظة عليها من الخائنين والفاسدين، ويجب حفظها في شيء يسترها من عيون المجرمين، -كما يحفظ اللؤلؤ في الصدف- حتى لا تقع فريسة لهم، والحجاب فقط هو الساتر والحافظ لها. إن المرأة المحجبة آمنة من الخائنين، لأن جسدها مستور ومحاسنها مستورة، فالناس لا يرون منها شيئًا، ولا يطمعون فيها، وهم في معزل عنها، ولا يلفتهم شيء منها،

1 / 11

بل يتهيبونها ويستحيون منها، كل ذلك لأجل (الحجاب) إذًا فالحجاب وقاية لك، وصيانة لشرفك وكرامتك. نعم، أيتها الفتاة، هذا جانب من فائدة الحجاب، وهنا تهلل وجه الفتاة النصرانية، وقالت: الآن اقتنعت بهذا الحكم الإسلامي، والآن عرفت الحكمة منه، والآن طاب لي الدخول في الإسلام، ثم تشهدت الشهادتين. هذا الحوار الجميل يبين لنا أن الله أراد المحافظة على كرامة المرأة، وأراد صيانة المجتمع وحمايته، فأوجب الحجاب كشرط أساسي لذلك. قالوا السفور تقدم فتقدمي ... بشجاعة فارم الحجاب وأقدمي إن الحجاب عن الحضارة حاجب ... فارميه ترقي للرقي بسلم هي خدعة من ماكر متحيّل ... داعي فجور فاسق ومذمم من تستجيب لدعوة هدامة ... للدين فهي على طريق جهنم حسدوا العفيفة والمصونة أنها ... تأبى التبذل للخبيث المجرم

1 / 12

هذا زمان المرأة الرَّجُلة، ترتكب الآثام لا خائفة من الله ولا من الناس خجلة، إنها حبالة الشيطان وشراكه، من وقع في شباكها صعب فكاكه، وقرب هلاكه.

1 / 13

المرأة الصالحة أما المرأة الصالحة فالشيطان عنها بعيد، يقترب من قلبها ليدعوها لحزبه ولكنه يندحر لما يرى فيه من آثار الوعد والوعيد، هذه أيقنت بوعد الله ووعيده، وأنها من جملة إمائة وعبيده، علمت أنها مملوكه ومالكها أمرها بالحجاب، صيانة لها عن الكلاب والذئاب، وحماية لها عن مواطن الارتياب. علمت أن في طاعة مالكها كل ما تسمو إليه النفوس الشريفة، وكل ما تصبو إليه الصالحة العفيفة. أليس أسمى المطالب وأعلاها مطلب السعادة؟!، وهل تدرك بغير طاعة من ثواب طاعته الحسنى وزيادة؟، إن هذا في الآخرة أما في الدنيا فعزة الإيمان وشرفه وسموه، وسرور المطيع وعلوه.

1 / 14

أثر المعاصي على القلوب إن للمعاصي آثار سوء في القلوب هي أعظم من آثار الآلام على الأبدان، إنها مجلبة للهموم والغموم والأحزان، إن لها عقوبات معجلة ذكر أهل العلم منها: نسيان العبد لنفسه فينسيه الله عيوب نفسه ونقصها وآفاتها فلا يخطر بباله إزالتها وإصلاحها. ويسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامها فلا يخطر بقلبه مداواتها ولا السعي في إزالة عللها وأمراضها التي تؤول إلى الفساد والهلاك، فهو مريض مثخن بالمرض ومرضه مترام به إلى التلف ولا يشعر بمرضه ولا يخطر بباله مداواته، وهذا من أعظم العقوبة للعامة والخاصة. ومن تأمل هذا الموضع تبين له أن أكثر هذا الخلق قد نسوا أنفسهم حقيقة وأضاعوا حظها من الله وباعوها رخيصة

1 / 15

بثمن بخس بيع الغبن، وإنما يظهر لهم هذا عند الموت. ويظهر هذا كل الظهور يوم التغابن. ومن عقوباتها: أنها تزيل النعم الحاضرة وتقطع النعم الواصلة. فتزيل الحاصل وتمنع الواصل. ومن عقوباتها: أنها تباعد عن العبد وليه وأنصح الخلق له وأنفعهم له، ومن سعادته في قربه منه، وهو الملك الموكل به، وتدني منه عدوه وأغش الخلق وأعظمهم ضررًا له وهو الشيطان. فإن العبد إذا عصى الله تباعد منه الملك بقدر تلك المعصية، فليس شيء أنفع للعبد من صحبة الملك، وإذا اشتد قربه من العبد تكلم على لسانه وألقى على لسانه القول السديد. وإذا بَعُد منه وقرب الشيطان من العبد تكلم على لسانه قول الزور والفحش حتى يُرى الرجل يتكلم على لسان الملك والرجل يتكلم على لسان الشيطان. وإذا آذى العبد الملك بأنواع المعاصي والظلم والفواحش

1 / 16

دعا عليه ربه وقال: (لا جزاك الله خيرًا) كما يدعو له إذا أكرمه بالطاعة والإحسان. قال بعض الصحابة ﵁: (إن معكم من لا يفارقكم فاستحيوا منهم وأكرموهم). ومن عقوباتها: أنها تستجلب مواد هلاك العبد في دنياه وآخرته، فإن الذنوب هي أمراض القلوب متى اسْتحكمت قتلت ولا بد.

1 / 17

طب الأبدان وطب الأديان وكما أن الجسم لا يكون صحيحًا إلا بغذاء يحفظ قُوته، واستفراغ يستفرغ المواد الفاسدة والأخلاط الردية التي متى غلبت عليه أفسدته جميعه، وحُمْية يمتنع بها من تناول ما يؤذيه ويخشى ضرره. فكذلك القلب لا تتم حياته إلا بغذاء من الإيمان والأعمال الصالحة تحفظ قوته. واستفراغ بالتوبة النصوح يستفرغ بها المواد الفاسدة والأخلاط الردية منه. وحُمْية توجب له حفظ صحته واجتناب ما يضادها، وهي عبارة عن ترك استعمال ما يضاد الصحة. والتقوى: اسم يتناول هذه الأمور الثلاثة فما فات منها فات من التقوى بقدره.

1 / 18

وإذا تبين هذا فالذنوب مضادة لهذه الأمور الثلاثة، فإنها تستجلب المواد المؤذية، وتستوجب التخليط المضاد للجميع. وتمنع الاستفراغ بالتوبة النصوح. فانظر إلى جسم عليل قد تراكمت عليه الأخلاط ومواد المرض وهو لا يستفرغها ولا يحتمي لها كيف تكون صحته وبقاؤه؟، ولقد أحسن القائل: جسمك بالحمية أحصنته ... مخافة من ألم طاري وكان أولى بك أن تحتمي ... من المعاصي خشية الباري فمن حفظ القوة بامتثال الأوامر، واستعمل الحمية باجتناب النواهي، واستفرغ التخليط بالتوبة النصوح لم يدع للخير مطلبًا ولا من الشر مهربا.

1 / 19