أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر

مرزوق الزهراني ت. 1450 هجري
77

أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر

الناشر

مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

تصانيف

بعضًا، مما ليس فيه مخالفة لشرع الله ﷿، ومما يدل على شمولية العهد قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ﴾ ١ وقال: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ ٢ وقال: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُم﴾ ٣ وقال: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ﴾ ٤ وقال في صفات المؤمنين: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾ ٥ فكل ما عهد به الله ﷿ إلى عباده، وكل ما شرعه للناس، فهو من عهده ﷿ إليهم، وكل من آمن برسول من رسل الله، فقد عاهد الله على الإيمان به والاتباع له، ويتجلى ذلك في السمع والطاعة، وامتثال الأمر بالفعل، والنهي بالترك. ولا ريب أن ما يلتزمه الإنسان من عمل البر بنذر، أو يمين يعقدها، فإن ذلك عهد عاهد ربه عليه، يجب الوفاء به وعدم الوفاء ليس من خلق المسلم، لذلك وصف الله به المنافقين فقال: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ٦ومما تجدر الإشارة إليه، أن كل من عاهد إمامًا٧على السمع والطاعة فيما هو معروف، أو عاهد غيره على القيام بعمل يتفق مع الشرع، أنه يجب الوفاء به، وبه تطالب شريعة الله ﷿، وكذلك ما يرم من اتفاقات ومعاهدات بين الدول يجب الوفاء بها وعدم الإخلال بشيء منها ما لم تكن مخالفة لشرع الله ﷿. وللاهتمام بهذا المبدأ الشامل العظيم جاء تقديم معمول الفعل (أوفوا) عليه، وهو أسلوب عربي يظهر عند إرادة لفت النظر إلى أهمية الأمر المتكلم عنه، وللدلالة على إرادة حصر الوفاء بالعهد في كل عهد يرضي الله ﷿ ويوافق شرعه، ويخرج ما لا يرضيه سبحانه من العهود؛ كنذر الحرام، والحلف على إتيانه، وما يقع بين الدول من عهود لا ترضي الله ﷿ ولا تتفق مع شرعه، وغير ذلك مما فيه إضرار بمصالح المسلمين. وقد عظّمت سنة رسول الله ﷺ هذا الأمر، وجعلت الإخلال به من صفات المنافقين؛ من ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو، أن النبي ﷺ قال: "أربع من كن فيه

١ الآية ١١٣من سورة طه. ٢ الآية ٦٠ من سورة يس. ٣ الآية ٩١ من سورة النحل. ٤ الآية ١٠٠ من سورة البقرة. ٥ الآية ١٧٧ من سورة البقرة. ٦ الآية ٧٣ من سورة التوبة. ٧ أردت بالإمام رأس الدولة الحاكم الشرعي وهو التعبير الإسلامي.

71 - 72 / 28