القول الفصل في العمل بالحديث المرسل
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة عشرة،العدد الثاني والستون
سنة النشر
ربيع الآخر - جمادى الآخرة ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م
تصانيف
مقدمة
...
القول الفصل في العمل بالحديث المرسل
للشيخ مظفّر رزق الموصل - العراق.
١- توطئة:
الحمد لله الذي أنزل أحسن الحديث، وأودع درر بيانه في محكم الحديث، فكرّم هذه الأمة - زادها الله شرفا - بالاعتناء بتدوين ما جاء به رسول الله ﷺ حفظًا له على تكرر العصور والآباد. ونصب جهابذة من الحفاظ والنقاد، وجعلهم دائبين في إيضاح ذلك في جميع الأزمان والبلاد، باذلين وسعهم مستفرغين جهدهم في ذلك جماعات وآحادا.
والصلاة والسلام على من أوتي جوامع الكلم، وخُصّ ببدائع الحكم، سيدنا محمد المصطفى بتعميم دعوته ورسالته، المفضل على الأولين والآخرين من بريته، المشرّف على العالمين قاطبة بشمول شفاعته، المخصوص بتأييد ملّته وسماحة شريعته، المكرم بتوفيق أمته للمبالغة في إيضاح منهاجه وطريقته.
أما بعد ... فإن الله ﷾ فضل هذه الأمة بشرف الإسناد، وخصها باتصاله دون من سلف من العباد، وأقام لذلك في كل عصر من الأئمة الأَفراد، والجهابذة النقاد، من بذل جهده في ضبطه وأحسن الاجتهاد، فظفر بنيل المراد وذلك من معجزات نبينا ﷺ التي أخبر بوقوعها فقال ﷺ: "تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم". (رواه أبو داود بإسناده في سننه) .
فباتصال الإسناد عرف الصحيح من السقيم، وصان الله هذه الشريعة عن قول كل أفّاك أثيم، فلذا كانَ الإرسال في الحديث علة يترك بها، ويتوقف عن الاحتجاج به بسببها، لما في إبهام المروى عنه من الغرر، والاحتجاج المبني على الخطر، وقد اختلف العلماء قديمًا وحديثًا فيه وكثرت أقوالهم، وتباينت آراؤهم، وتعارضت أفعالهم.
فعمدت في عملي هذا إلى إيضاح ما هو إلى الصواب أقوم المسالك، جامعًا فيه بين طريقة أهل الحديث وأئمة الأصول، والفقهاء الذين في الرجوع إليهم أنفس حصول، ذاكرًا من المنقول ما أمكن الوصول إليه، ومن المباحث النظرية ما يعول عند التحقيق عليه، مميزًا في ذلك الغث من السمين، مبيِّنًا ما هو الضعيف من المتين.
1 / 29