الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم
الناشر
صوت القلم العربي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
كما أن فكرة تحول اليهود إلى المسيحية كأمر لازم لعودة اليهود إلى أرض فلسطين لم تعد ضرورية، ففي عام ١٨٠٠م نشر (جيمس بيشنو) - وهو من المؤمنين بالعصر الألفي السعيد - كتابه (عودة اليهود أزمة جميع الأمم) "حيث أعتبر فيه عودة اليهود إلى فلسطين قضية دولية، بالإضافة إلى أنه لم يربط عودتهم بتحولهم إلى المسيحية كما كان سائدًا قبل ذلك" (١). وأصبح الاعتقاد السائد بأن اليهود سيدخلون المسيحية بظهور المسيح المنتظر الذي سينقذهم من أعدائهم.
اللورد شافتسبرى
حمل القرن التاسع عشر تطورًا بارزًا في طبيعة (حركة العودة)، حيث ظهرت جماعات بروتستانتية تعتبر عودة اليهود إلى أرض فلسطين ركنًا أساسيًا في عقيدتها. ففي هذا القرن شهدت إنجلترا نهضة دينية جديدة مشابهة في مبادئها ومعتقداتها لتلك التي كانت سائدة في عهد الثورة البوريتانية، وكان من أبرز ممثلي هذه الفترة اللورد شافتسبرى الذي كان مؤمنًا بضرورة قيام دولة يهودية في فلسطين تحقيقًا للنبوءات التوراتية، حيث عبر عن ذلك بقوله: "إن التطلع إلى المجيء الثاني للمسيح والإيمان بأنه سيحدث قد شكلا المبدأ المحرك والقوة الدافعة في حياتي، نظرًا لأني نظرت إلى كل ما يحدث في العالم باعتباره خاضعًا لذلك الحدث العظيم وفي مكانة ثانوية بالنسبة إليه" (٢). لهذا فقد نشر شافتسبرى في عام ١٨٣٩م مقالًا في إحدى الصحف، لخص فيه فكرته عن العودة اليهودية، التي تقوم على أساس تدخل البشر لتحقيق نبوءات العهد القديم المتعلقة بعودة اليهود إلى فلسطين. كما تقدم اللورد شافتيسبرى بمشروع إلى وزارة الخارجية البريطانية لاستيطان اليهود في فلسطين، على أن يخضعوا للحكم القائم في البلاد، وطالب بضمانات من الدول الأربع الكبرى.
وبالرغم من أن مشروع شافتيسبرى لم ينجح، إلا أن صاحبه لم يعرف اليأس، وانتظر مناسبة أخرى. فلما كانت حرب القرم بين العثمانيين والروس على وشك
_________
(١) الصهيونية غير اليهودية - د. ريجينا الشريف - ص ٨٧
(٢) المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص١٤٧
1 / 53