النقد والبيان في دفع أوهام خزيران
الناشر
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
فلسطين
تصانيف
نقول: إنَّ من يتأمل في جواب العلامة الزنكلوني (١) يَرَ أنه -حفظه الله تعالى- لم يتعرَّض للجزَّار بشيء، ولم يُرِد أن يبَيّن خطأه، أدبًا منه، بل بيَّنَ حكمَ الشَّريعة الإسلامية في المسألة، بيانًا لا يترك قولًا لقائل، ولمح تلميحًا بضعف استدلال الجزَّار، وهذا لا بدَّ منه لمن أراد أن يبَيّن أحكام الله، أما وقد قام تلميذُ الجزَّار الخاصّ يؤيد الباطل على الحقّ. ويستعمل المغالطةَ في استنتاجه، فقد وجب علينا أن نظهرَ خطأه وخطأ أستاذه صراحةً في فهم قول الخواص، الذي نقله العارفُ الشعراني، وهو: «إذا علم من الماشين مع الجنازة أنهم لا يتركون اللغوَ [في الجنازة] ويشتغلون بأحوال الدنيا، [فـ] ينبغي أن نأمرهم بقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله» (٢)، وهذا القول لا يفهم منه أن نأمر الناسَ بالذّكر، إذا علم أنهم لا يتركون اللغو، ويراد بالذّكر طبعًا الذكر الخفيّ، كما ذكر ذلك أئمة المذاهب الأربعة، بقولهم: وإذا ذكر الله فلْيذكره سرًّا في نفسه، وبدليل كلام الشعراني نفسه قبل كلام الخواص بأسطر، وهذا نصه: «وينبغي لعالم الحارة، أو شيخ الفقراء في الحارة، أن يعلِّم من يريد المشيَ مع الجنازة آداب المشي معها من عدم اللغو فيها» ... إلى أن قال: «وأخطأ من لغا في طريق الجنازة في حق نفسه، وفي حق الميت، وقد كان السَّلف الصَّالح لا يتكلّمون في الجنازة (٣)، وكان الغريب لا يعرف من هو قريب الميت حتى يعزِّيه (٤)؛ لغلبة الحزن على الحاضرين كلِّهم، وكان سيِّدي علي الخواص ...» (٥) إلى آخر ما نقله الجزَّار في فتواه.
(١) راجع فتواه في آخر الرسالة (منهما) . (٢) «العهود المحمدية» (٦٠١) . (٣) انظر ما قدمناه عنهم في التعليق على (ص ١٧) . (٤) انظر ما قدمناه عنهم في التعليق على (ص ١٨) . (٥) «العهود المحمدية» (٦٠٠-٦٠١) .
1 / 82