اعتقاد أئمة السلف أهل الحديث
الناشر
دار إيلاف الدولية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠هـ/١٩٩٩م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
والأصل في هذا:
أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلومًا أن إثبات رب العالمين ﷿ هو إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته، إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد وتكييف.
فإذا قلنا: لله تعالى يد، وسمع وبصر، فإنما هي صفات أثبتها الله تعالى لنفسه، ولا نقول: إن معنى اليد: القدرة، ولا إن معنى السمع والبصر: العلم، ولا نقول: إنها جوارح، ولا تشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح، وأدوات للفعل.
ونقول: إنما وجب إثباتها؟ لأن التوقيف ورد بها ووجب نفي التشبيه عنها، لقوله ﵎: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١] وقوله عز رجل: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤] .
ولما تعلق أهل البدع على عيب أهل النقل برواياتهم هذه الأحاديث، ولبسوا على من ضعف علمه، بأنهم يروون ما لا يليق بالتوحيد، ولا يصح في الدين، ورموهم بكفر أهل التشبيه، وغفلة أهل التعطيل، أجيبوا بأن في كتاب الله تعالى آيات محكمات، يفهم منها المراد بظاهرها، وآيات متشابهات، لا يوقف على معناها إلا بردها إلى المحكم، ويجب تصديق الكل والإيمان بالجميع، فكذلك أخبار الرسول ﷺ جارية هذا المجرى، ومنزلة على هذا التنزيل، يرد المتشابه منها إلى المحكم، ويقبل الجميع.
فتنقسم الأحاديث المروية في الصفات ثلاثة أقسام:
منها: أخبار ثابتة أجمع أئمة النقل على صحتها، لاستفاضتها وعدالة نقلتها، فيجب قبولها والإيمان بها، مع حفظ القلب أن يسبق إليه اعتقاد ما
1 / 125