المنهج الصحيح وأثره في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-السنة ٣٥
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
المبحث الثاني: الجهل
إن الجهل داء عظيم، يوصل للضلالة، ويورد المهالك، وهو من أعظم أسباب انحراف الأمة عن المنهج الصحيح، وفي الحديث عن عبد الله ابن عمرو ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله لا يقبض العلم اننزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤسًا جُهالًا فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" ١.
قال النووي ﵀:"هذا الحديث يبيّن أن المراد بقبض العلم في الأحاديث السابقة المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه، ولكن معناه: أن يموت حملته، ويتخذ الناس جهالًا يحكمون بجهالاتهم فيضلون ويُضلون"٢.
والمراد بالعلم هنا: علم الكتاب والسنة، وهو العلم الموروث عن الأنبياء ﵈، فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، وبذهابهم يذهب العلم، وتموت السنن، وتظهر البدع، ويعم الجهل، وأما علم الدنيا، فإنه في زيادة، وليس هو المراد في الأحاديث، بدليل قوله ﷺ: "فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" والضلال إنما يكون عند الجهل بالدين، والعلماء الحقيقون هم الذين يعملون بعلمهم، ويوجهون الأمة، ويدلونها على طريق الحق والهدى"٣.
ومن أعظم الجهل القول على الله بغير علم، وتحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ
_________
١ صحيح البخاري مع الفتح، ١/١٩٤، كتاب العلم، باب كيف يُقبض العلم، رقم ١٠٠، وصحيح مسلم ٤/٢٠٥٨، كتاب العلم باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان / رقم ٢٦٧١.
٢ شرح النووي على صحيح مسلم، ١٦/٢٢٣-٢٢٤.
٣ أشراط الساعة، للشيخ يوسف الوابل، ١٣٣.
1 / 175