المنهج الصحيح وأثره في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٩-السنة ٣٥
سنة النشر
١٤٢٣ هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
كما حذر النبي ﷺ عن الإطراء فقال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله" ١.
والإطراء مجاوزة الحد بالباطل في المدح، والكذب فيه، ومعنى لا تطروني أي: لا تمدحوني بالباطل، أو لا تجاوزوا الحد في مدحي٢.
والغلو كثير في النصارى فإنهم غَلَواْ في عيسى ﵇ فنقلوه من حيّز النبوة إلى أن اتخذوه إلهًا من دون الله، يعبدونه كما يعبدون الله، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه، فادعوا لهم العصمة، واتبعوهم في كل ما قالوه سواء كان حقًا أو باطلًا، وناقضتهم اليهود في أمر عيسى ﵇ فحطوا من منزلته، حتى جعلوه وَلَدَ بغيَّ٣.
وقد وقعت الأمة فيما حذرها منه النبي ﷺ من الغلو، حيث غلا كثير من الناس في دين الله، وتجاوزا الحد المشروع لهم، وتشبهوا بمن قبلهم من اليهود والنصارى وغيرهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "ومن تشبه من هذه الأمة باليهود والنصارى، وغلا في الدين بإفراط أو تفريط، وضاهاهم في ذلك فقد شابههم، كالخوارج المارقين من الإسلام الذين خرجوا في خلافة علي بن أبي طالب ﵁ فقاتلهم حين خرجوا على المسلمين، وكان قتالهم بأمر النبي ﷺ كما ثبت ذلك من عشرة أوجه في الصحاح والمسانيد وغير ذلك، وكذلك من غلا
_________
١ صحيح البخاري مع الفتح، ٦/٤٧٨، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾ . رقم الحدث ٣٤٤٥، عن عمر ﵁.
٢ تيسير العزيز الحميد، ٣١٤.
٣ تيسير العزيز الحميد، ٣٠٦-٣٠٧.
1 / 173