دستور الأخلاق في القرآن

محمد بن عبد الله دراز ت. 1377 هجري
117

دستور الأخلاق في القرآن

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

العاشرة ١٤١٨ هـ

سنة النشر

١٩٩٨ م

تصانيف

يفترض مقدمًا الاتفاق الكامل لهذا القانون مع المثل الأعلى للعدالة. فقد خلط -كانت- إذن، وعالج بطريقة واحدة مرحلتين مختلفتين للضمير الأخلاقي: ١- اللحظة التي ما زال التفكير يجري فيها لوضع القانون. ٢- واللحظة التي ينفذ فيها القانون، الذي تم وضعه بالفعل. وفي كلمة واحدة: خلط "كانت" بين "الإلزام" و"النية"، بين علم الأخلاق la morale، وبين السلوك الأخلاقي la moralite.
المرحلة الثالثة: والواجب الكلي العام!! فلنقبله، ولكن ينبغي أن نفرق بين درجات كثيرة من العمومية، فإن لها امتدادًا بقدر ما لها من مفاهيم: الواجب الأبوي، والأموي، والزوجي، والبنوي. واجبات الرياسة، والصداقة، والمواطن، والإنسان. واجب العمل، وواجب التفكير، وواجب المحبة. فهل يمكننا بصفة مشروعة أن نعطي لكل هذه التعبيرات نفس الامتداد، على جميع الأشخاص، وعلى كل الموضوعات، بحيث ننفض عنها حدودها الخاصة، ثم نمد بعضها على بعض؟ وهل من حقنا أن نقول لرئيس أن يعامل من هم أعلى منه رتبة معاملته لمرءوسيه؟ وأن نطلب إلى زوج أن يعامل كل نساء الدنيا كما يعامل زوجته، والعكس؟ إن كل واجب، إذا تعدى حدوده الخاصة -قد يتوقف عن أن يكون واجبًا، ولربما يصير جريمة. فالأمر إذن أمر عمومية نسبية، لا يمكن

1 / 112