الوجيز في أصول الفقه الإسلامي
الناشر
دار الخير للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
دمشق - سوريا مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
تصانيف
منهج الله للناس (١).
الاجتهاد في زمن الصحابة:
كان الصحابة في حياة رسول الله ﷺ يتلقون الأحكام من رسول الله ﷺ، فإن غابوا عن مجلسه، ولم يعلموا حكمًا شرعيًّا في واقعة، اجتهدوا فيها، وسعوا في استنباط الأحكام لها، وقد دعاهم رسول الله ﷺ إلى ذلك في حضوره وغيابه، فقال: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (٢)، وأقر معاذ على الاجتهاد عند عدم النص، كما سيرد بعد قليل، وكان الصحابة سرعان ما يعرضون اجتهادهم على رسول الله ﷺ، فإن كان صوابًا أقره وباركه ودعا لصاحبه، وإن كان خطأ أنكره وبيَّن بطلانه، ولذلك فإن اجتهاد الصحابة في حياة رسول الله ﷺ يرجع إلى القسم الأول، فكأن الحكم صادر عن رسول الله بإقراره أو إبطاله أو إلغائه.
روي عن عبد الله بن عمرو أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ، فقال لعمرو: "اقض بينهما، فقال: أقضي بينهما"، وأنت حاضر يا رسول الله؟ قال: "نعم، على أنك إن أصبت فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر" (٣).
_________
(١) مقدمة ابن خلدون: ص ٤٥٣، أصول الفقه، الخضري: ص ٣، المدخل إلى علم أصول الفقه، الدواليبي ص ٥٣، الفتح المبين: ١ ص ١٦.
(٢) رواه أصحاب الكتب الستة والحاكم والشافعي وأحمد عن عمرو بن العاص وأبي هريرة، (انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي: ٤ ص ٢٦٨، سنن الترمذي: ٣ ص ٣٠٧، سنن النسائي: ٨ ص ١٩٧، سنن ابن ماجه: ٢ ص ٧٧٦، المستدرك: ٤ ص ٨٨، بدائع المنن: ٢ ص ٢٣١، التلخيص الحبير: ٤ ص ١٨٠، سبل السلام: ٤ ص ١٦٠، تخريج أحاديث البزدوي: ص ٢٣٠).
(٣) رواه الحاكم في المستدرك: ٤ ص ٨٨، وانظر أصول الفقه، الخضري: ص ٤١٠، تخريج أحاديث البزدوي ص ٢٣٠، مسند أحمد: ٢ ص ١٨٧، ٤ ص ٢٠٥، وروى =
1 / 43