ـ[الشرح المختصر على نظم المقصود]ـ
المؤلف: أحمد بن عمر الحازمي
مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشيخ الحازمي
http://alhazme.net
[الكتاب مرقم آليا، ورقم الجزء هو رقم الدرس - ١٠ درسا]
صفحة غير معروفة
عناصر الدرس
* المبادئ العشرة.
* الميزان الصرفي.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
سنشرع في هذه الساعة بإذن الله تعالى وتوفيقه في «نظم المقصود» وهو نظم في فن الصرف، عندما أخذنا بنظم «الآجرومية» لعبيد ربه، وهذا النظم لكتاب اسمه كتاب «المقصود» وهو من الكتب المعتمدة المشهورة عند أصحاب الفن، وإن لم يكن مشهورًا في هذا الزمان إلا أنه معروف عند أهل العلم، ومصنفه مجهول وإن نسب لأبي حنيفة رحمه الله تعالى يعني: كتاب «المقصود» منسوب للإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى صاحب المذهب الفقيه المعروف ولكن الصحيح أنه مجرد انتساب فقط وليس بكتاب له لأن نمطه وأسلوبه إنما جاء على طريقة المتأخرين. ولكن يبقى أن الكتاب مخدوم وأن الكتاب له من الشروح منظومات كثير وكثير، وإذا كان كذلك حينئذٍ لا يضر الجهل بصاحب ولذلك قال في «مفتاح السعادة»: ومما اشتهر مختصر مسمى بـ «المقصود» يتكلم عن فن الصرف لم نقف على مصنفه وإن نُسِبَ لأبي حنيفة إلا أنه كتاب مبارك وعليه شروح مفيدة مشهورة عند أبناء الزمان - يعني: في عصره -. وإذا كان كذلك فلا إشكال في دراسته وتدريسه.
«المقصود» نثر مطبوع قديمًا في ضمن رسائل المجموعة في فن الصرف مطبعة مصطفى الحلبي ثم حُقِّقَ متأخرًا حققه الدكتور عبد الله بن عبد الكريم ... #٢.٠١ حسن ومطبوع لمكتبة الأهداف.
و«المقصود» عليه عدة شروح كذلك مطبوعة طبعات قديمة مصطفى الحلبي من أشهرها «المطلوب شرح المقصود» وهذا هو أحسنها وأجودها والشارح مجهول كذلك كصاحب الأصل معنى أنه غير معروف هذا لا يضره كذلك ما دام أن الكتاب من أوله إلى آخره جاء على جادة أهل العلم حينئذٍ لا يضره كونه مجهولًا، وطبع معه شرحان: «شرح الشروح»، ... و«إمعان النظر». كذلك مصطفى الحلبي يعني: ثلاثة كتب في كتاب واحد وأحسنها وأجودها «المطلوب».
نظم «المقصود» عدة من أهل العلم وممن وقفنا عليه نظم أحمد بن عبد الرحيم الطهطاوي توفي سنة ثمان وثلاثين بعد الألف من الهجرة البنوية، نظم هذا الكتاب الذي ذكرناه سابقًا «المقصود» في ثلاثة عشر ومائة، وشرحه محمد بن أحمد بن محمد عليش في كتاب اسماه «حل المعقود من نظم المقصود»، وكلاهما مطبوعان، و«حل المعقود من نظم ... المقصود» يكاد أن يكون الشارح عليش جمع الشروح السابقة في هذا الشرح وزاد عليه ما يتعلق بحل المتن أنه شرح جيد نفيس، وهذبته من أجل أن يكون يعني: في يد طلاب العلم. وهو موجود بالمكتبة.
بين يدي مقدمات.
أولًا: لماذا نظم «المقصود» دون غيره من الكتب التي تتعلق بفن الصرف وهي للمبتدئين؟
اشتهر عند أهل العلم تدريس «اللامية» لابن مالك رحمه الله تعالى وهو كتاب جيد إلا أنه فيه صعوبة بمعنى أنه:
أولًا: على البحر البسيط ونظم «المقصود» على الرجز ولا شك أن الرجز أسهل من البسيط.
ثانيًا: جاءت عبارته فيها شيء من الإغلاق صعبة المرام ونظم «المقصود» أسهل بكثير وأوضح منه.
1 / 1
ثالثًا: ابن مالك رحمه الله تعالى حاول أن يَنْظِمَ الشذوذات يعني التي خرجت عن القاعدة وهذه لا يحتاجها طالب العلم بخلاف نظم «المقصود» فإنما عنى بالقواعد التي يحتاج إليها في الفن وتخدم الطالب المبتدئ، وإن كان في بعض المواضيع فيه شيء من الصعوبة - أعني نظم «المقصود» - إلا أنه باعتبار اللامية يعتبر أجود من حيث السبك ومن حيث السهولة ومن حيث الوضوح.
طالب العلم عندما يعتني بعلوم الآلة بما يكون على جادة أهل العلم بمعنى أن يكون هذا الكتاب معتمد عند أرباب الفن، ونظم «المقصود» كذلك إذ هو نظم للمقصود وهو كتاب معتمد كما سمعتم.
وثانيًا: قد يكون الكتاب مشهورًا إلا أن غيره أولى منه بالاعتماد والاعتكاف، وهذا موجود في كتب أهل العلم قد يكون الكتاب مشهورًا وهو الذي عليه الجادة من حيث الحفظ والتدريس والشروح وغيره أولى منه، واشتهار الكتب وما يحفظ وما يدرس هذا أشبه ما يكون بالشيء النسبي الذي يختلف من زمان إلى زمان، فقد يشتهر في وقت كتاب ما ثم يموت ذكر ذلك الكتاب ويشتهر كتاب آخر، وهذه سنة الله تعالى في خلقه، ولذلك لو جئنا في المقاصد كتاب «المقنع» للموفق أبي محمد رحمه الله تعالى كان قبل «زاد المستقنع» هو العمدة وعليه الجادة، ولما ألف الحجاوي رحمه الله تعالى «الزاد» واختصره حينئذٍ صار العمدة على «الزاد» وصار «المقنع» نسيًا منسيًا من حيث الاعتماد والحفظ وأن يكون أصلًا عند طالب العلم.
قبل «المقنع» كان الخرقي «مختصر الخرقي» لَمَّا ألف ابن قدامة التدرج في الفقه الحنبلي «عمدة الفقه»، ثم «المقنع»، ثم «الكافي» حينئذٍ لم يكن لمختصر الخرقي ذكر البتة إلا زماننا هذا وإنما يعتبر مرجعًا في فهم كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى باعتبار هذا العلم الذي هو الخرقي رحمه الله تعالى.
فأقول: إن اشتهار الكتب في زمن دون زمن هذا أمر نسبي، ثم اعلم يا طالب العلم أن الكتب اختيار الأسماء والمصنفات والمنظومات والمنثورات هذا ليس بأمر توقيفي يعني: المخالفة فيه ليست مخالفة لحكم شرعي، فما من فن من الفنون في الشريعة سواء كانت من المقاصد أو من علوم الآلة إلا وفيها من المصنفات الكثير والكثير، سواء كانت ما يخدم المبتدئ أو المتوسط أو المنتهي، فإذا اختار من يُدَرِّس أو من يتعلم كتابًا ما وإن لم يكن مشهورًا حينئذٍ نقول: لا، لا يثرب عليه ولا يجعل ذلك مخالفة للمنهج الذي صار عليه أهل العلم، أقول ذلك لأن البعض قد انتقد ما أطرحه من حيث الاعتماد على نظم «المقصود» دون «اللامية»، وإن كان الإمام مالك رحمه الله تعالى يعتبر كتابه في النحو الذي هو «الألفية» هو المعتمد، لكن لا يلزم أن يكون ذلك مطردًا في جميع الفنون، فاختير كتابه «الألفية» ولكن في «اللامية» هذه لا تخدم طالب العلم الشرعي، فحينئذٍ طالب العلم الشرعي يعتمد ما يخدمه في فن الشريعة وإذا كان كذلك فحينئذٍ على القاعدة العامة التي ذكرناها مرارًا أن الطالب في باب علوم الآلة يختار المنظومات وتكون هذه المنظومات سهلة واضحة بينة ويمكن حفظها، وما يكون فيه شيء من التعقيد فالأصل فيه أنه يجتنب ويترك ولو كان لإمام مشهور لماذا؟
1 / 2
أولًا: لأن الزمن محدود الإنسان كم سيعيش؟ فترة قصيرة وخاصة في طلب العلم وإذا كان كذلك فحينئذٍ ينبغي أن يختصر الطريق لا من حيث التلقي وإنما من حيث الاعتماد على الكتاب واختياره، ثم النظر يكون في فائدة هذا الفن حينئذٍ علوم الآلة كاسمها علوم لغيرها تخدم الكتاب والسنة، لفهم الكتاب والسنة، وإذا كان كذلك فحينئذٍ ينبغي أن يكون طالب العلم يُرَاعِي المتون التي تَشْتَمَل على أمرين أن تكون سهلة واضحة بينة باعتبار غيرها، وقد يكون في نفسها شيء من الصعوبة، ثم يعلم أن هذا المتن أو هذا العلم ليس مقصودًا لذاته، فحينئذٍ يكون الاعتماد على ما اشتهر عند أهل العلم، والمخالفة في اختيار كتاب ما لا تخرج طالب العلم عن سلوك الجادة في التلقي والتحصيل.
إذًا نظم «المقصود» طالب العلم الذي يريد أن يستعين بهذا العلم على فهم الشريعة أولى بالاشتغال من «اللامية» لابن مالك رحمه الله تعالى لما ذكرناه من الصعوبة التي فيها.
المقدمة الثانية: ما يتعلق بمبادئ العلم، علم الصرف هذا علم قليل التدريس في هذا الزمان كغيره من علوم الآلة لأن فيه شيئًا من الغربة نحتاج إلى فهم المبادئ العشرة التي يذكرها أهل العلم.
أولًا: حد فن الصرف، يقال له التصريف وهو في اللغة التغيير والتحويل، الصرف والتصريف في لسان العرب التغيير والتحويل ومنه: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾. أي: تغييرها. وفي صيغة التكثير تصريف تفعيل إشارة إلى أن في هذا الفن تصرفات كثيرة تصريف صرف وتصريف لم سُمِّيَ بالتصريف؟
لأن فيه تغييرات كثيرة وهو كذلك كما سيأتي.
وأما في الاصطلاح فإن الصرف له اطلاقات يعني: يُستعمل بمعنى ويستعمل بمعنى آخر وكلاهما مقصودان عند أهل العلم، لا بد أن يعرف طالب العلم إذا أُطلق الصرف فماذا يراد به في هذا المعنى وماذا يراد به في هذا المعنى الآخر؟
يطلق بالمعنى العملي ويطلق بالمعنى العلمي، عملي ممارس تطبيق، وبمعنى علمي يعني: تأصيل وتقعيد.
الأول تعريفه بالمعنى العملي أن يقال فيه وهو ما اشتهر تعريف الزنجاني وغيره: (تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة لا تحصل إلا بها). تحويل إذًا هذا المعنى أي معنى هذا؟ المعنى اللغوي لا بد أن يكون المعنى اللغوي موجودًا ومأخوذًا في حد المعنى الاصطلاحي، إذًا علم الصرف باعتبار كونه عمليًّا تحويل إذًا لا بد أن يُؤخذ الحد اللغوي أو المعنى اللغوي جنسًا في المعنى الاصطلاحي، لو قيل: تغيير. لا بأس، تحويل لا بأس، تغيير وتحويل كذلك لا بأس، تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعالم مقصودة لا تحصل إلا بها.
المراد بالأصل الواحد والاشتقاق هو المصدر، (تحويل الأصل الواحد) يعني: تحويل المصدر. لأن المصدر هو الأصل في الاشتقاق.
والْمَصْدَرُ الأَصْلُ وأيّ أَصْلِ ... وَمِنْهُ يَا صَاحِ اشْتِقاقُ الْفِعْلِ (١)
(١) ملحة الأعراب البيت ١٣٣.
1 / 3
والمصدر هو اسم الحدث الجاري على الفعل، يعني: الذي يطلق على الفعل، ففرق بين الحدث وبين اسم الحدث، فرق بين الحدث نفسه وبين اسم الحدث، قلنا: مصدر لفظ هذا ضَرْبٌ قَتْلٌ أَكْلٌ هذه كلها مصادر وهي ألفاظ لكن حقائقها الموجودة يعني: الذي يُسَمَّى ضَرْب، الذي يسمى أَكْل، هو الحدث الذي جرى عليه اللفظ واضح؟ فعندنا ضَرْبٌ وعندنا ما يسمى بالضرب ما هو الذي يسمى بالضرب؟ ضَرْبٌ معروف فحينئذٍ نقول: هذا حقيقة المصدر الذي هو الحدث الجاري على الفعل، اسمه هو الذي يعنون له بالمصدر.
إذًا المصدر لفظ له حقيقة، ما حقيقة المصدر؟
نقول: اسم للحدث. إذًا فرق بين الاسم والْمُسمَّى، هذا المراد بالمصدر.
تحويل الأصل الواحد لا شك أن الاسم قد يكون مفردًا وقد يكون مثنًّا وقد يكون مجموعًا وقد ينسب إليه وقد يُصَغَّر إلى غير ذلك، هذا الاسم الواحد كـ زَيْد مثلًا قالوا فيه زَيْدَان وَزَيْدُون وَزِيُود وكذلك زَيْدِيٌّ وَزُيَيْد مصغر هل هذا تغيير وتحويل للاسم أم لا؟ نقول: نعم لا شك أنه تغيير وتحويل للاسم الواحد، حينئذٍ هل يدخل في قولنا: (تحويل الأصل الواحد). بأن يُجعل اللفظ صادقًا على المصدر وعلى الاسم أم لا؟
الصحيح أنه جارٍ على النوعين، بمعنى أن قول الزنجاني وغيره: (تحويل الأصل الواحد) المراد بالأصل هنا المصدر والاسم لماذا؟ لأن المصدر لا شك أنه أصل للاشتقاق، ضَرْبٌ ضَرَبَ يَضْرِبُ اضْرِبْ ضَارِبٌ مَضْرُوبٌ مَضْرِب مَضْرَب ... إلى آخره حينئذٍ حصل تغيير و(تحويل للأصل الواحد) الذي هو المصدر وجيء بأمثلة مختلفة، وكذلك الشأن في الاسم فيقال كما ذكرنا زَيْدٌ وَزَيْدَان وَزِيُود وَزَيْدُون وَزَيْدِيٌّ وَزُيَيْد ... إلى آخره، حصل تحويل وتغيير واختلفت المعاني باختلاف هذه التغيرات والتحويلات.
إذًا (تحويل الأصل الواحد) نقول: المراد به المصدر، وهو اسم الحدث الجاري على الفعل والاسم كذلك داخل في (الأصل الواحد) لأن له تغيرات، ولذلك عبر بالأصل الواحد ولم يعبر بالمصدر لأنه لو قال: تحويل المصدر. لخرج الاسم ولكن لما قال: (الأصل الواحد). حينئذٍ شمل الاسم وشمل المصدر، كذلك تعبيره بالأصل الواحد فيه موافقة للمذهبين الكوفي والبصري، إذ بينهما خلاف في أصل الاشتقاق، فالمشهور عند البصريين أن الأصل هو المصدر وهو الصحيح، والمشهور عند الكوفيين أن الفعل الماضي هو أصل للاشتقاق، حينئذٍ لو عبر بالمصدر لاختص الحد بمذهب البصريين ولا يشمل مذهب الكوفيين، فلما عبر بالأصل الواحد حينئذٍ وافق المذهبين: المذهب البصري، والمذهب الكوفي. (تحويل الأصل الواحد) تغييره وتبديله سواء كان مصدرًا أو اسمًا تحويله إلى أي شيء؟
1 / 4
قال: إلى أمثلة مختلفة. يعني: متنوعة. والمراد بالأمثلة الأوزان مثل ماذا؟ ضَرَبَ على وزن فَعَلَ، وَيَضْرِبُ على وزن يَفْعِلُ، وَاضْرِبْ على وون افْعَلْ، وهكذا.، هذه الأمثلة المختلفة لا شك أنها مختلفة في اللفظ، الصيغة، الهيئة، وهي تدل على معاني خاصة، فَضَرَبَ يدل على إيقاع الحدث الذي هو الضرب في الزمن الماضي لأن الأصل في الاشتقاق قلنا: الضَّرْب. وهو المصدر حينئذٍ المصدر ضَرْبٌ إذا أردت أن تدل على حدث وقع في الزمن الماضي فحينئذٍ نقول لك: خذ ضَرْبًا - الذي هو المصدر - وائت به على وزن فَعَلَ. فتقول: ضَرَبَ. إذًا ضَرْبٌ مصدر يدل على حدث فقط ولا يدل على زمن، فلما أردت الدلالة على إيقاع هذا الحدث - الذي هو الضَّرْب - في الزمن الماضي جئت به على وزن فَعَلَ الذي هو ضَرَبَ، إذًا ضَرْبٌ وَضَرَبَ بينهما فرق وإن كان الضَّرْبُ أصلًا في الاشتقاق لضَرَبَ يَضْرِبُ على وزن يَفْعِلُ، إذًا ضَرَبَ وزنٌ، وَيَفْعِلُ يَضْرِبُ هذا وزنٌ آخر، متحد أم مختلف؟
مختلف طبعًا، فضَرَبَ على وزن فَعَلَ، فَعَل ثلاثة أحرف وهو ماضي، وَيَفْعِلُ هذا على أربعة أحرف وهو فعل مضارع، ولا شك أن الصيغة والصيغة كل منهما مخالف للأخرى، وكل منهما دلت على معنى لم يدل عليه الآخر، كذلك اضْرِبْ إذا أريد به إيقاع الضَّرْبِ في الزمن المستقبل.
إذًا الأمثلة تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة يعني: أوزان مختلفة. يعني: متنوعة. نَصَر يَنْصُرُ انْصُر، كذلك نَاصِر اسم فَاعِل وَمَنْصُور وَمَنْصَر ونحو ذلك كما سيأتي، فحينئذٍ المراد بالأمثلة المختلفة الفعل الماضي، والمضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، والأمثلة المبالغة، والمنسوب .. إلى آخر ما يذكره الصرفيون من الأبواب، فالأصل الذي هو المصدر تحوله باعتبار المعنى المراد المقصود لك تأتي بوزن معين كما سيأتي إيضاحه فحينئذٍ تأتي به على هذا الوزن ويحصل التبديل والتغيير من الأصل الواحد.
(تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة)، معان مقصودة هو ما ذكرناه سابقًا بمعنى أن الفعل الماضي يدل على معنًى غير المعنى الذي دل عليه الفعل المضارع، غير المعنى الذي دل عليه فعل الأمر، غير المعنى الذي دل عليه اسم الفاعل، اسم المفعول، أمثلة المبالغة، هذه كلها أوزان ثم لها دلالات خاصة، فأنت تحول الأصل الواحد لمعنى تريد التعبير عنه في نفسك وتأتي به على وزن معين، فإذا أردت إيقاع الحدث أو الدلالة على أن الحدث قد وقع على شخص ما فحينئذٍ تقول: هذا مَضْرُوبٌ. وإذا أردت صياغة ما يدل على فاعل الحدث فتقول: ضَارِبٌ. إذا أردت اسم الآلة مَضْرِب، حينئذٍ المعاني اختلفت والأوزان كذلك اختلفت.
1 / 5
إذًا المراد بالمعاني المقصود معاني المشتقات من الأفعال والأسماء كالماضي والمضارع والأمر والنهي وغيرها كما مر آنفًا، كذلك زَيْد يدل على واحد وَزَيْدَان يدل على اثنين حينئذٍ نقول لك: إذا أردت الدلالة على اثنين بلفظ زَيْد زده ألفًا ونونًا في حالة الرفع، وياء ونونًا في حالتي النصب والجر، وإذا أردت الدلالة على جمع أقله ثلاثة ائت به على زَيْدُون يعني: بزيادة الواو والنون رفعًا، والياء والنون نصبًا وخفضًا، أو زِيُود إذا أردت التكثير وإذا أردت النسبة إليه بأن جعل أصلًا فائت بياء النسبة في آخره واكسر ما قبل آخره يقول: زَيْدِيُّ. ياء مشددة تلحق الآخر بعد كسرها، إذًا حصل في الاسم ما يحصل في الفعل، (لا تحصل إلا بها). يعني: لا تحصل هذه المعاني إلا بها أي بهذه الأمثلة المتنوعة المختلفة، والأمثلة هي الأوزان كما ذكرنا.
إذًا هذا تعريف فن الصرف باعتبار كونه عمليًّا ما هو؟
(تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مقصودة لا تحصل إلا بها). حفظ وفهم هذا التعريف أصل في فهم فن الصرف، ما تحفظه ولا تفهمه تتعب.
وأما تعريفه بالمعنى العلمي: فهو علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب زِيدَ ولا بناء. هذا تعريف ابن الحاجب في الشافية، (علمٌ) إذًا صدر الحد بكلمة (علمٌ)، بخلاف الأول قال: تحويل. إذًا عمل، هنا (علمٌ) إذًا افترقا، فالأول للعملي تطبيقي والثاني للعلمي الذي هو التأصيل والتقعيد، (علمٌ) يعني: إدراك أو المسائل أو الملكة. على خلاف بينهم في إطلاق العلم بالحد (علمٌ) بماذا؟ قال: ... (بأصول). أصول جمع أصل، والأصل المراد به من حيث الاصطلاح هنا القاعدة، قاعدة أو الضوابط العامة التي تكون لكل فنٍ، (علمٌ بأصول) يعني: بقواعد، هذه القواعد (يُعرف بها أحوال أبنية الكلم). أبينة جمع بناء، والمراد به الوزن، يعني: هيئة الكلمة من حيث الحركات والسكنات وعدد الحروف والترتيب، يعني: ما يضبط لك هيئة الكلمة على أي وزن. حينئذٍ يتكلم هذا الفن من هذه الحيثية عمَّا يتعلق ببناء الكلمة، ما وزنها؟ كيف تزن هذه الكلمة؟ كيف تعرف الزائد من الأصلي؟ كيف تعرف أوزان الفعل المضارع الأبواب الستة الآتية؟ وغير ذلك؟ نقول: كله يُدرس في هذا الفن لهذا الاعتبار.
إذًا (يُعرف بها) أي: بهذه الأصول، (أحوال) يعني: صفات، (أبنية الكلم) يعني: أوزان الكلم.
لا شك أن الصرف يتعلق بالكلمة من حيث الأول، والأثناء يعني: الأوسط. والحرف الأخير، سبق معنا أن علم النحو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم. إذًا الكلم الذي هو الكلمة له أوائل وله أواسط وله أواخر، أوائل وأواسط لا بحث للنحاة فيها لا الأوائل ولا الأواسط هذا متعلق بفن الصرف، بقي ماذا؟ الأواخر، الأوَاخر مشترك بين النحاة والصرفيين، لأن الصرفي يتكلم عن الإدغام أليس كذلك؟ وقالت طَّ، يقول لك: التاء تدغم في الطاء. باب كبير عظيم عندهم الإدغام، فحينئذٍ هذا تعلق بالأواخر أم لا؟ تعلق بالأواخر ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ [المزمل: ٢] يقول لك الصرفي: التقى ساكنان ميم واللام من (أل). حينئذٍ تحرك الأول بالكسر على الأصل أين تدرس قاعدة تحريك أو التقاء الساكنين؟
1 / 6
في فن الصرف، هذا متعلق بماذا؟ بالأواخر. إذًا تعلق بالآخر بعض أبحاث فن الصرف، تعلق بالأواخر بعض أبحاث فن الصرف.
النحاة يبحثون عن ماذا؟ عن الآخر من حيث الإعراب والبناء، إذًا أحوال أبنية الكلم دخل فيه الأوائل والأواسط والأواخر، لما شارك النحاة الصرفيين في الأواخر من حيث الإعراب والبناء زيد قيد لإخراج مبحث النحاة فقيل التي ليست بإعراب ولا بناء. هذا احتراز من ماذا؟ - ليست بإعراب ولا بناء -؟
ليس من الأوائل ولا من الأواسط، وإنما احتراز للقدر المشترك بين الصرفيين والنحاة ما يتعلق بالأواخر، واضح هذا؟
إذًا فن الصرف من حيث كونه علمًا هو قواعد وأصول يعرف بها أوزان الكلمة من حيث الحركات والسكنات ومعرفة الحرف الزائد من الأصلي ومعرفة الحرف المعل من الصحيح، وتعلقهم بالحرف الأخير لأنه قدر مشترك بين النحاة والصرفيين إنما هو من جهةٍ لا تتعلق بالإعراب ولا البناء، لأن الحرف الأخير إن كان البحث فيه من حيث الإعراب والبناء فهذا مبحث النحاة.
إذًا هذا النوع الثاني يَبحث عن القواعد الوزنية للوصول إلى المعاني الموزونية ويُسَمَّى علم الأوزان، فالأول يُبحث فيه عن الموزونات عندنا وزن وعندنا موزون، وزنٌ وموزونٌ، إذا قلت: ضَرَبَ على وزن فَعَلَ. أين الوزن وأين الموزون؟
ضَرَبَ موزون، وَفَعَلَ وزن، كما تقول هذا تزنه عند البقال فتضع ضَرَبَ في الوزن على فَعَلَ، يَضْرِبُ على وزن يَفْعِلُ، فَيَضْرِبُ هذا موزون، وَيَفْعِلُ هذا وزن، حينئذٍ تحويل الأصل الواحد يتعلق بماذا؟ بالوزن أو الموزون؟
بالموزون لا بالوزن، علم بأصول يعرف أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب يتعلق بماذا؟ بالوزن فرق أو لا؟ أدركت؟
إذًا التعريف الواحد الأول العملي تحويل الأصل الواحد هذا يتعلق بالموزونات بحث في الموزون نفسه تغييره وتحويله، فتقول: ضَرْبٌ ضَرَبَ يَضْرِبُ .. إلى آخره وليس هذا بحثَنا، بحثُنا في ماذا؟ في معرفة الأوزان والقواعد العامة وهو الذي يبحث فيه في فن الصرف، علمٌ بالأوزان، إذًا الأول يبحث فيه عن الموزونات، والثاني عن القواعد، وهو الذي يتعلق بهذا الكتاب وغيره من كتب الصرف.
موضوعه: - فن الصرف -: الكلمات العربية من حيث البحث عن تلك الأحوال كالأصالة والزيادة والصحة والإعلال ونحوها، هذه جهة.
والجهة الثانية: كيفية صياغتها لإفادة تلك المعاني المقصودة. إذًا اشترك فن الصرف مع علم النحو يعني: مع موضوعه. في الكلمات العربية لكن لا من حيث الإعراب والبناء وإنما من حيث تلك الأحوال السابقة كالأصالة والزيادة، ثَمَّ الكلمات العربية المفردات العربية مشتملة على حرف أصلي وحرف زائد كيف تميز الأصلي من الزائد؟
له قواعد، ما هي هذه القواعد؟
تبحث في هذا الفن. والصحة والإعلال هل هذا معل؟ هل هذا حرف صحيح؟ هل هذا حرف علة؟ هذا كله يبحث في فن الصرف.
إذًا موضوعه الكلمات العربية من حيث البحث عن تلك الأحوال كالأصالة والزيادة والصحة والإعلال ونحوها.
1 / 7
وثانيًا كيفية صيغاتها يعني: تأتي بها على أي وزن؟ فيقول لك: إذا أدرت الفعل الماضي تشتقه من المصدر فائت به على وزن فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ، وإذا أردت الفعل المضارع فإن كان المتكلم فتأتي به على وزن أَفْعُلُ أو أَفْعَلُ أو أَفْعِلُ ونحو ذلك، وإن كان للخطاب تَفْعَلُ أو تَفْعِلُ أو تَفْعَلُ، وإن كان للغائب يَفْعِلُ ليس عندنا بحث في الألفاظ بعينها وإنما في أوزان، كيفية الصياغة؟ تبحث في هذا الفن الذي هو الصرف العلمي.
والمراد بالكلمات العربية الذي يتعلق به فن الصرف لا شك أن الكلمة ثلاثة أنواع: اسم، وفعل، وحرف.
النحاة يبحثون عن الكلمة من حيث الإعراب والبناء إذًا كلها داخلة، حرف فيحكمون على أنه مبني وعلة البناء .. إلى آخره وإن كان الأصل لا يعلل، ثم هو مبني على ماذا.
الاسم كذلك يميز لك المعرب من المبني ويعطيك ضوابط لمعرفة المعرب وضوابط لمعرفة المبني.
ثم الفعل كذلك معرب ومبني ولك منها ضوابط.
إذًا بحث النحاة في الكلمة بأنواعها الثلاثة: الاسم، والفعل، والحرف. الصرفي لا يبحث عن الكلمة بجميع أنواعها وإنما يبحث عن نوعين فقط.
الأول منهما: الاسم المتمكن.
والثاني: الفعل المتصرف.
الاسم المتمكن، أخرج الاسم غير المتمكن، إذ الاسم نوعان:
متمكن.
وغير متمكن.
ما المراد بالمتمكن؟
الْمُعْرَب. المراد بالمتمكن المعرب، وغير المتمكن؟ المبني، إذًا المبني كله من الأسماء لا بحث للصرفي فيه، لا يبحث فيه البتة لماذا؟ لأنه يبحث عن علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم، يعني: التي تقبل الاشتقاق، وأما هذه فلا يتصرف فيها جامدة في الأصل.
النوع الثاني: الفعل المتصرف. الفعل نوعان: جامد، ومتصرف.
الجامد هو الذي يلزم حالة واحدة، بمعنى أنه إن سمع - وهو يختلف - إن سُمع الماضي منه لا يأتي منه المضارع ولا أمر ولا .. إلى آخره، أو سُمع منه المضارع فقط وليس له ماضي ولا أمر ولا .. إلى آخره، فاللفظ الذي سُمع سواء كان فعلًا ماضيًا أو فعلًا مضارعًا لا يتجاوزه البتة، هذا نسميه ماذا؟ نسميه جامدًا.
المتصرف هو الذي يُشتق منه بمعنى أنه يُسمع منه الماضي والمضارع والأمر، ثم قد يكون كامل التصرف وقد يكون ناقص التصرف، يعني: لو وجد فعل ماضي واشتق منه المضارع قلنا: هذا متصرف ولو لم يُسْمَعْ له فعل أمرٍ، ويكون حينئذٍ التصرف هنا ناقصًا.
إذًا المراد بالكلمات العربية أو المفردات العربية في ما يتعلق بموضوع علم الصرف هو نوعان فقط: الاسم المتمكن - احترازًا عن غير المتمكن وهو المبني فلا بحث للصرفي فيه البتة - يعني لا يأتي طالب لا يعرف الموضوع ثم يقول: هذا ما وزنه؟ ما يأتي هذا ما وزنه، لماذا؟ لأنه ليس بداخل في فن الصرف. ثانيًا: الفعل المتصرف.
فلا بحث للصرفي في الحرف بجميع أنواعهم: ولا في الاسم المبني، ولا في الفعل الجامد. إذًا هذه ثلاثة أنواع من أنواع الكلم، الحرف كله برمته لا بحث للصرفي فيه البتة، فلا تقل إِلَى على وزن ماذا؟
ومُنْذ على وزن ماذا؟
1 / 8
هذا ما فهم الموضوع يعني: موضوع الفن. هذا خلل كبير. كذلك لا بحث للصرفي في الاسم المبني فلا يقال نَحْنُ ما وزنه؟ أنا ما وزنه؟ ولذلك تختبر به، نحن ما وزنه؟ فيفكر الطالب يذهب يمنةً ويسرة ولا في الفعل الجامد يعني: غير المتصرف.
حَرْفٌ وَشِبْهُهُ من الصّرف بَرِي ... وَما سِوَاهُمَا بِتَصْرِيفٍ حَرِي (١)
إذًا حينئذٍ نقول: الموضوع الذي يتعلق به فن الصرف المفردات العربية والمراد بها الاسم المتمكن والفعل المتصرف فقط، خرج ثلاثة أشياء فلا بحث للصرفيين فيها،، وما ورد من تثنية بعض أسماء الإشارة قلنا: الأصل الواحد هذا يدخل فيه الاسم سمع ذَا وذَانِ وسمع اللَّذَانِ الَّذِي وَاللَّذَانِ وَالَّذِينَ هذا تصريف أم لا؟
تصريف مثل زَيْدٌ وَزَيْدَان وَزَيْدُون، الَّذِي اللَّذَانِ الَّذِينَ هذا تصريف لأنه تغير من دلالته من على المفرد إلى المثنى إلى الجمع.، وكذلك صُغِّرَ ذّيَّ واللَّتَيَّ والَّذَيَّ، سُمِعَ تصغيره. نقول: هذا شاذ، بمعنى أنه خرج عن القاعدة، وما خرج عن القاعدة لا يقاس عليه البتة لأنه منفرد. أو نقول: هو صُوري لا حقيقي. يعني: ليس مثنًى وليس جمعًا وليس تصغيرًا ونحو ذلك بفقد الشروط المعتبرة في التثنية والجمع والتصغير والنسبة، إما أن يقال بأنه مثنى حقيقةً في النوعين أسماء الإشارة والأسماء الموصولة وكذلك الجمع مثنًى حقيقةً إلا أنه شاذ وخرج عن الأصل، وإما أن يقال بأنه لا يرد علينا أصلًا لماذا؟ لأن هذا ليس مثنًّا ولا جمعًا ولا مُصغرًا، وإنما هو من حيث الصورة فحسب والحاصل: أن تثنية وجمع أسماء الإشارة وكذلك أسماء الموصولة لا يَرِدُ نقضًا لما ذكرنا من أن فن الصرف لا بحث له في الاسم المبني البتة؛ لأن أسماء الإشارة مبنية كلها على الصحيح، والموصولات كذلك مبنية حتى اللذان واللتان على الصحيح، فحينئذٍ نقول: لا يرد نقضًا بسماع تثنيتهما أو جمعهما أو تصغيرهما أو النسبة إليهما وهذا لا يعتبر نقضًا للأصل السابق.
واضعه: معاذ بن مسلم الهراء.
مسائله: ما يُذكر فيه من أصول وقواعد، نحو: كل واو أو ياء تحركت وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا. هذه قاعدة يأتي معنا منصوصة، كل واو أَمَا مَرَّ معنا كثير تحركت الواو وافتح ما قبلها فوجب قلبها ألفًا؟ قَالَ أصله قَوَلَ، قَوَلَ على وزن فَعَلَ تقول: تحركت الواو قَوَ وانفتح ما قبلها وهو القاف فوجب قلب الواو ألفًا، قلت: قَالَ. إذًا هذه قاعدة يندرج تحتها ما لا حصر من الأفعال والأسماء، ونحو: إذا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياءً وأدغمت في الياء سَيِّد أصلها سَيْوِد، سَيِّد مَيِّت أصلها سَيْوِد فَيْعِل، اجتمعت الواو والياء وسبق إحداهما بالسكون فوجب قلب الواو ياءً وإدغام الياء في الياء سَيِّد كيف عرفت هذا؟ باعتبار القواعد التي أصلها الصرفيون.
(١) الألفية البيت ٩١٦.
1 / 9
ثمرته: فهم الكتاب والسنة. هذا هو الأصل في دراسة اللغة العربية لطالب العلم الشرعي من أجل أن يصلح نيته فيثاب يكون علمًا شرعيًّا، يعني: تُدرس علوم الآلة من أجل فهم الشريعة، فحسب إذًا فهم الكتاب والسنة إذ هو علم مستقل من علوم اللغة العربية، وعرفنا مرارًا مدى ارتباط علم الشريعة بفهم لسان العرب، إذ هو موقوف عليه شرط في صحة فهم الكتاب والسنة فهم لسان العرب، يعني: كالطهارة بالنسبة للصلاة فمن ولج الكتاب والسنة وأراد أن يستنبط بنفسه يعني: يجتهد. دون أن يكون له علم بلسان العرب كمن كبر للصلاة وهو مُحدث لا فرق بينهما البتة، وهي كلها أساس في فهم الكتاب والسنة، ومراعاة قواعد التصريف تعصم من الخطأ في المفردات العربية، يعني: يكون إصلاح اللسان وإصلاح القلم بالنسبة لطالب العلم نية ثانية، يعني: أمر فرعي وليس بأصلي. فلا يقال ثمرة علم النحو صون اللسان عن الخطأ، وكذلك الثمرة علم الصرف صون اللسان عن الوقوع في الخطأ، هذه ليست مقاصد حسنة، النية هذه لوحدها ليست بنية صالحة وإنما يُعنى طالب العلم بما يُصلح فهمه لا لسانه إنما يصلح الفهم والعلم الصحيح، إذ به تضبط الصيغ، وبه يعلم ما يطرد في لسان العرب، وما يندر وما يشذ إلى المجموعات أو الجموع والمصادر وسائر المشتقات. ويفهم من هذا العلم يعني: إذا فُهِمَ. يعرف أو يصير القليل كثيرًا، يعني: إذا أخذ طالب العلم المصدر ضَرْبٌ ثم عرف القواعد هو استطاع أن يُكثر، يُكثر ماذا؟ يُكثر مشتقات المصدر فيعلم القاعدة في الفعل الماضي أنه يأتي على وزن كذا، وكذلك الفعل المضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول، وأمثلة المبالغة، هو عرف المصدر فقط حينئذٍ يُكثره.
استمداده: من كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ وكلام العرب. إذًا يُستمد من كلام الله فهو أصل في القواعد النحوية والصرفية، القرآن أصل في فهم القواعد النحوية والصرفية، وكذلك السنة أصل في فهم قواعد النحوية والصرفية، وكذلك البلاغية في النوعين وكلام العرب.
حكمه: فرض كفاية. علوم الآلة كلها من فروض الكفايات، وأما من يرد التفسير والاجتهاد فهو فرض عين، تفسير فرض عين، وأما الأحكام الشرعية الفرعية فإن تعلقت المسألة بمسألة صرفية صار فرض عين.
هذا ما يتعلق بالمبادئ العشرة، فهمها كما رأيت يعين على فهم فن الصرف في ماذا يبحث؟ هذا العلم يبحث في ماذا؟ إذًا عرفت حده في اللغة، وعرفت حده في الاصطلاح بمعنييه العلمي والعملي.
من المقدمات المهمة التي تعين على فهم فن الصرف، الميزان الصرفي، فهم الميزان الصرفي لأن الكتاب من أوله إلى آخره سيأتينا على وزن كذا فاء عين لام ... إلى آخره، فنأخذ مقدمة في فهم الميزان الصرفي من أجل أن يسهل علينا فهم الصرف.
1 / 10
الصّرف علم الصرف علم صعب تعرف هذا ابتداءً، والنحو أسهل منه بكثير الذي صعب عليه النحو سيصعب عليه الصرف إلا أن يشاء الله، يستعين طالب العلم بالله ﷿، ولذلك الحفظ في فن الصرف أكثر من الحفظ في فن النحو، والفهم في فن النحو أكثر من الفهم في فن الصرف، ولذلك الشوكاني رحمه الله تعالى في «أدب الطلب» قال: ولن يلم طالب العلم بشتات هذا الفن حتى تكون الشافية في صدره. أو قال: من محفوظاته. «الشافية» لابن حاجب رحمه الله تعالى، «الشافية» كتاب متوسط ليس بالطويل ولا بالقصير، فهذه «الشافية» جمعت علم الصرف من أوله إلى آخره كقواعد عامة وهي مختصرة ولها شروح ونظمت .. إلى آخره، فعلم الصرف علم فيه شيء من شتات فيحتاج إلى ضبط، هو في نفسه صعب - ونحن نحاول أن نيسر الأمر لكن لا بد من ذكر بعض الأصول -.
كما ذكرنا أن هذه الدورات المراد بها الاختصار في ما يمكن اختصاره كالعلل، العلل النحوية كما مر معنا حذفنا كثير منها، وهنا كذلك إلا ما لا بد منه فيذكر وأما القواعد والتأصيلات فلا بد من ذكرها، وأما حل المتن فلا بد من ذكره، فك العبارة هذا فرض عين في الشرح.
إذًا الميزان الصرفي، ميزان مأخوذ من الوزن والأصل فيه مِوْزَان، سَكَنَتْ الواو وكُسِرَ ما قبلها، والقاعدة أنه إذا سَكَنَتْ الواو وانْكَسَرَ ما قبلها وجب قلب الوا ياءً، قيل: مِيزَان. إذًا هذا أول ما يتعلق بالميزان، مِيزَان على وزن مِفْعَال مأخوذ من الوزن، سبق في حد الصرف العلمي علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم، الأبنية جمع بناء، والمراد به الوزن ويُسَمَّى مثالًا عند الصرفيين وكذلك عند النحاة، وهو هيئة الكلمة، أي: الحركات والسكنات وعدد الحروف وترتيبها، حركات وسكنات وعدد الحروف وترتيب الحروف، أَلَّفَ الصرفيون لمعرفة وضبط بِنْيَةِ الكلمة، أَلَّفُوا يعني: ابتكروا. ابتكروا ماذا؟ ابتكروا ما يُسَمَّى بالميزان الصرفي، هو مبتكر، العرب ما نطقت بهذا، ما نطقت بفَعَلَ، وإنما نطقت بقَتَلَ وَضَرَبَ، وما نطقت بفَعِلَ، ما نطقت بفَعِلَ وإنما نطقت بعَلِمَ، وكذلك فَعُلَ .. إلى آخره، فالأوزان هذه مبتكرة يعني: من ابتكار الصرفيين، وهو مما يدل على عقولهم الفذة.
أَلَّفَ الصرفيون لمعرفة بنية الكلمة من حيث الهيئة الحركات والسكنات ما أسموه بالميزان، توزن به الكلمة لمعرفة الحركة والسكون والحرف الأصلي من الزائد، والترتيب، أو التقديم والتأخير، وهكذا .. كما سيأتي، فجعلوا له ضوابط، الأول، سأسردها بهذه الطريقة من أجل التيسير:
1 / 11
الأول: اعتبروا أن أصول الكلمات ثلاثة أحرف. أول قاعدة وضعوها لفهم أو لصناعة هذا الميزان وابتكاره أن أصول الكلمات، الكلمات - مر معنا - اسم مُتَمَكِن، وفعل متصرف. بحثنا في ماذا؟ في هذه، اسم متمكن، وفعل متصرف. فيما يبحث فيه الصرفيون، اعتبروا أن أصول الكلمات ثلاثة أحرف بناء على أن أكثر الكلمات العربية ثلاثية، إذًا وضعوا الميزان على ثلاثة أحرف لم يضعوها على أربعة ولا على خمسة لماذا؟ لأنهم نظروا في المفردات العربية فوجدوا أكثر لسان العرب سواء في الأفعال وفي الأسماء مؤلف من ثلاثة أحرف، وهذه قاعدة مبناها على سلوك الأيسر في لسان العرب، كلما كان الشيء سهلًا كَثُرَ في لسان العرب، والعكس بالعكس، كل ما كان ثقيلًا قل استعماله، إذًا أكثر الأسماء ثلاثية، وأكثر الأفعال ثلاثية، إذًا الرباعي أقل من الثلاثي لأنه أثقل، فكلما ثَقُلَ قلّ استعمال، الخماسي بالنسبة للرباعي أقل، بالنسبة للثلاثي أقل وأقل لماذا؟ لأنه كل ما كثر حرف في الكلمة أو زيد حرف في الكلمة ثقل على اللسان، وكلما ثقل على اللسان فقاعدة العرب أنه يقل استعماله.
إذًا الضابط الأول عند الصرفيين في وضع الميزان الصرفي أنهم وضعوه على ثلاثة أحرف لماذا؟ لكون أكثر الكلمات المفردات ثلاثية.
الضابط الثاني: قابلوا هذه الأحرف الثلاثة عند الوزن بالفاء والعين واللام، يعني: عندنا وزن وعندنا موزون، نحن نريد أن نقابل الموزون بوزن، اخترعوا له ألفاظ، إذًا لا بد أن يكون ماذا؟ أن يكون لفظًا فاختاروا الحرف الأول الفاء، والثاني العين، والثالث اللام، فقالوا: فَعَلَ. على هذا الترتيب فَ عَ لَ.
وتوزن الأصول في الكلام ... بالفاء ثم العين ثم اللام (١)
إذًا قابلوا هذه الأحرف الثلاثة عند الوزن بالفاء والعين واللام، وهي حروف لا بد أن تكون محركة أو ساكنة، هذا أو ذاك، إما حركة وإما سكون، فاء عين لام، كيف نحركها؟ قالوا: نحركها بحركة الموزون. عندنا وزن وعندنا موزون، فاء عين لام، لا بد من حركة أو سكون كيف ننطق بها؟ قالوا: نحرك الفاء بحركة الموزون إن كان فتحة فتحنا الفاء، وإن كان كسرة كسرنا الفاء، وإن كان ضمة ضممنا الفاء، وكذلك العين، وأما اللام فهذا يتعلق به الإعراب والبناء، فقالوا: ضَ رَ على وزن فَ عَ. إذًا لماذا قالوا: فَ. بفتح الفاء؟ لأن الموزون ضَ بفتح الضاد فَعَ العين مفتوحة لماذا؟ لأن الموزون الذي هو الراء مفتوح، واضح؟
إذًا فَعَلَ نحركه بماذا؟ نحركه بحركات وسكنات الموزون، فنقول: فَعَلَ على وزن ضَرَبَ، وعَلِمَ على وزن فَعِلَ، وَكَرُمَ على وزن فَعُلَ، واضح هذا؟
إذًا أولًا: اعتبروا الأصول ثلاثية.
(١) الوافية نظم الشافية.
1 / 12
ثانيًا: ابتكروا الفاء والعين واللام في الوزن محركة بحركة الموزون إن كان الحرف محركًا، أو سكنوه إن كان الحرف الموزون ساكنًا. خَرَجَ على وزن فَعَلَ، خَرَجَ هذا ثلاثي من ثلاثة أحرف على وزن ماذا؟ تقول: فَعَلَ. اخترته ثلاثيًّا بناء على أن الأصل في الميزان عند الصرفيين أنه على ثلاثة أحرف، اخترت الفاء أو العين أو اللام لأنهم اتفقوا على ذلك - وله علل لا فائدة من ذكرها - حركنا الفاء بحركة الموزون الخاء وحركنا العين بحركة الموزون الراء، ولذلك يسمى الخاء فاء الكلمة لماذا؟ لأنه في الوزن يقابل الفاء، والراء من خَرَجَ يُسمى عين الكلمة، والجيم من خرج يسمى لام الكلمة، واضح هذا؟
قَتَلَ على وزن فَعَلَ، القاف هذا فاء الكلمة، والتاء عين الكلمة، واللام لام الكلمة، واضح هذا؟
فَرِحٌ على وزن فَعِلٌ لأنه اسم، فَرِحَ فعل ماضي فَعِلَ فلا تنونه فَرِحٌ على وزن فَعِلٍ الحكم واحد في الأسماء وفي الأفعال، إذًا سموا الحرف الأول من الموزون لا من الوزن من الموزون سموه ماذا؟ فاء الكلمة، وسموا الحرف الثاني من الموزون عين الكلمة، وسموه الحرف الثالث من الموزون لام الكلمة، واضح هذا.
الضابط الثالث: إذا زادت الكلمة على ثلاثة أحرف ماذا نصنع؟ عندهم ضوابط نقول: هذا على أنواع ثلاثة، عرفنا أن الأصل فَعَلَ هذا أصل الميزان، الموزون إن كان ثلاثيًّا هذا واضح، إن كان رباعيًّا أو خماسيًّا أو سداسيًّا ماذا نصنع؟ كيف نزنه؟
لا يمكن أن نزن أَكْرَمَ بفَعَلَ، ولا يمكن أن نزن انْطَلَقَ بفَعَلَ، ولا يمكن أن نزن اسْتَغْفَرَ بفَعَلَ واضح هذا؟
ستة أحرف وهذا ثلاثة، هذا أربعة أَكْرَمَ وَتَعَلَّمَ ونقول: هذا فَعَلَ، لا يمكن إذًا ماذا نصنع؟ كيف نصنع؟
نقول: هذا على أنواع ثلاثة، أنواعه ثلاثة:
الأول: إن كانت الزيادة على ثلاثة أحرف - هذه لها أسباب - إن كانت بسبب أصل الوضع يعني: وَضَعَ العرب الكلمة على أربعة ابتداءً كالثلاثية لأنه كما سيأتي الفعل مثلًا الفعل وهذا نقدم به، الفعل قد يكون [زائدًا] (١) مجردًا وقد يكون ذا زيادة.
المجرد يعني: أصل وضعه هكذا أول ما نطقت به العرب، إما ثلاثي وإما رباعي، فعندنا الثلاثي المجرد عن الزيادة ليس فيه حرف زائد البتة وهذا واضح، وعندنا رباعي مجرد عن الزيادة البتة، إذًا العرب نطقت به ابتداءً، كذلك الاسم قد يكون ثلاثيًّا وقد يكون رباعيًّا وقد يكون خماسيًّا. إذًا الفعل لا يكون إلا ثلاثي أو رباعي إن كان خماسي فلا بد من حرف زائد ليس عندنا فعل خماسي كله حروف أصلية لا وجود له، وعندنا اسم كل حروفه أصلية وهو على خمسة أحرف إذًا ثلاثي رباعي خماسي، عرفنا الثلاثي أنه كلها حروف أصلية، إذًا عندنا فعل رباعي أصلي وعندنا اسم رباعي أصلي، وعندنا خماسي من الاسم أصلي، إذًا هذه تحتاج إلى ضابط كيف نزنها وهي حروف أصلية؟ إذًا نقول: إن كانت الزيادة بسبب وضع بسبب أصل وضع الكلمة كأن تكون الكلمة في أصل وضعها على أربعة أحرف أو خمسة زدت في الميزان لامًا في الرباعي، ولامين في الخماسي.
إذًا الفاء يبقى كما هو والعين تبقى كما هي، واللام الأولى تبقى كما هي وتزيد في الرباعي لامًا ثانية، وتزيد في الخماسي لامًا ثالثة.
(١) سبق لسان.
1 / 13
إذًا في الثلاثي لامٌ واحدة، في الرباعي يكون عندنا لامان، في الخماسي يكون عندنا ثلاث لامات.
والرباعي الأصول يكون في الاسم وفي الفعل، مثاله في الاسم جَعْفَرٌ، جعفر علم كم حرف؟ أربعة كلها أصول؟ كلها أصول. يعني: الجيم والعين والفاء والراء كلها أصول مثل ضَرَبَ، إذًا إذا أردنا أن نزن جعفر لا يمكن أن نزنه بفعل لأن فعل ثلاثة أحرف إذًا لا يتقابل ويطرد الموزون مع الوزن ماذا نصنع؟ نزيد لامًا فنقول: جَعْفَرٌ على وزن فَعْلَلٍ. جَعْفَ فَعْلَ الأصل الثلاثي وزدنا لامًا ثانية لتقابل الحرف الأخير لماذا؟ لأن جَعْفَ هذا قابل لفَعْلَ إذًا الزيادة في ماذا؟ في الراء جَعْفَر فنزيدها لامًا من جنس اللام التي هي أصل الميزان.
مثاله في الفعل دَحْرَجَ على وزن فَعْلَلَ لَلَ لَلَ، هذه لامان إذًا فَعْلَلَ نقول: هذا في رباعي الفعل، ماذا نصنعنا الميزان الثلاثي كما هو لكن زدنا لامًا أخيرة باعتبار الحرف الأخير الزائد.
والخماسي الأصول يكون في الاسم فقط ونزيد لامين لأن الذي زاد على الثلاثي هو حرفان مثاله ماذا؟ مثاله سَفَرْجَلٌ هذه خمسة أحرف كلها أصول، نقول في الوزن [فَعْلَلٌ] (١) سَفَرْجَلٌ فَعْلَّلٌ، الأولى ساكنة، لَلٌ، إذًا هذه ثلاثة لامات، الأولى التي في الأصل فَعْلٌ والثانية والثالثة زدنا لامين باعتبار ما زيد على الثلاثي، إذًا الخماسي لما زاد عن ثلاثة أحرف بحرفين زدنا في الميزان حرفين، واضح؟ وهذا كلها سيأتي معنا إذا ما فهمته الآن عوض الله أجرك، واضح؟
إذًا نزيد حرفين في الخماسي في خماسي الأصول، جَحْمَرِشٌ فَعْلَلِلٌ هذا الخماسي كذلك هذا في الخماسي هذا متى؟ إذا كانت الزيادة بحسب الأصل أصل الوضع يعني الكلمة هكذا وجدت على أربعة أحرف، فنزيد حرفًا في الفعل والاسم، يعني: نزيد لامًا ثانية، وإن كان في أصل وضعها على خمسة أحرف هذا لا يكون في الفعل وإنما يكون في الأسماء نزيد لامين على اللام المذكورة فيصير عندنا كم ثلاثة لامات، هذا الضابط الأول، يعني: في زيادة تكون الزيادة بحسب الأصل.
(١) سبق.
1 / 14
الثاني: الزيادة، أن تكون الزيادة سببها من تكرير حرف من حروف الكلمة الأصلية يعني: تقول: خَرَجَ. مثلًا خَرَجَ قد يأتي خَرَجَ فَعَلَ على وزن مضعف العين، ضَعِّفْ العين خَرَّجَ هنا عندنا زيادة لكنها من جنس العين أو من جنس اللام بمعنى أنك كررت الحرف الذي هو موزون سواء كان عينًا أو لامًا، حينئذٍ ماذا تصنع تكرر في الوزن عين الحرف، فتقول مثلًا: خَرَّجَ على وزن فَعَّلَ. فَعَّلَ كم حرف؟ أربعة، والوزن كم ثلاثة، خَرَّجَ على كم حرف؟ أربعة، والزيادة ما نوع الزيادة هنا؟ هل هي زيادة بأصل الوضع؟ لا، لأن خَرَّجَ هذا ثلاثي مزيد، فيه حرف زائد لكن الحرف الزائد هنا ليس من حروف «سألتمونيها» آئت بالثالث، وإنما حصلت بتكرار العين أو اللام، حينئذٍ تُكرر في الوزن عين الحرف المكرر في الموزون، فلما كان المزيد تضعيفًا للعين كَرَّرْتَ العين، وإذا كان المزيد تكرارًا للام كررت اللام، فتقول: خَرَّجَ على وزن فَعَّلَ، هذا الزيادة تختلف عن السابقة، السَّابقة الزيادة أصلية وإنما سميت زيادة باعتبار الوزن فقط، وأما هي في أصلها دَحْرَجَ كلها أصول، جَحْمَرِشٌ كلها أصول، لماذا قلنا: زيادة؟ زيادة باعتبار الوزن يعني زيادة نسبية لا حقيقية، وأما هنا خَرَّجَ ففيه حرف زائد وهو الراء لكنه من جنس العين، حينئذٍ ماذا تصنع؟ تكرر في الوزن العين، خَرَّجَ على وزن فَعَّلَ، أن تكون الزيادة سببها من تكرير حرف من حروف الكلمة الأصلية، كررته حينئذٍ تكرر ما يقابلها من حروف الميزان مثل خَرَّجَ على وزن فَعَّلَ كررت العين، ومثال تكرار اللام جَلْبَبَ فعل ماضي على وزن فَعْلَلَ - ويأتي - جَلْبَبَ أصله جَلَبَ زيدت فيه الباء، فالباء الثانية مكررة، مُكررة عن ماذا؟ عن حرف أصلي فحينئذٍ جَلْبَبَ على وزن فَعْلَلَ، كررت اللام كما قلت هناك: فَعَّلَ. قلت هنا: فَعْلَلَ، إذًا تزيد في الوزن عين الحرف المزيد، يعني إذا كررت حرف الذي هو اللام زدت لامًا، وإذا كررت العين زدت عينًا وأدغمت العين في العين وأما اللام هنا فلا تدغم، إذًا جَلْبَبَ على وزن فَعْلَلَ، ويُسَمَّى الأول مُضَعّف العين والثاني مُضَعّف اللام.
إذًا النوع الثاني من أنواع الزيادة أن يكون تكرارً لحرفٍ أصلي، تُكَرِّرُ عين الحرف في الوزن.
النوع الثالث: إن كانت الزيادة كاسمها حرف زائد على أصل الكلمة وليس بتكرارٍ للحرف الأصلي. النوع الثالث يعني ليس الأول ولا الثاني ما هو الأول؟ النوع الأول من الزيادة أن .. [لا، النوع الأول] عندك ثلاثة أنواع.
النوع الأول: أن تكون الزيادة بأصل الوضع.
كيف بأصل الوضع حرف أصلي نسميه زيادة؟ نقول: باعتبار الوزن.
النوع الثاني: أن يكون تكرارًا لحرف أصلي. هذه الزيادة ليست بأصل الوضع ولا تكرارًا لحرف أصلي، وإنما يُسَمَّى حرف الزيادة ويشترط أن يكون من حروف العشرة المجموعة في قولهم: «سألتمونيها»، ... «سألتمونيها» وهذه تسمى حروف الزيادة بمعنى أن الزيادة في الكلمة إن كانت فهي واحدٌ من هذه الأحرف العشرة، وليس كل ما وجد منها حرفٌ حكمت عليه بأنه زائد، لا، يعني: هي مطردة لا منعكسة، كيف؟
1 / 15
فحينئذٍ أَكْرَمَ على وزن أَفْعَلَ الهمزة زائدة، إذًا لابد أن تكون من حروف «سألتمونيها»، لكن ليس كل ما وجدت الهمزة حكمت عليها بأنها زائدة، أكل؟ ها الهمزة أصلية ليست بزائدة، وأكرم زائدة، إذًا نقول: فرقٌ بين أن يُحكم على اللفظ الحرف بكونه زائدًا لكونه من حروف «سألتمونيها»، وليس كل ما وجد منها حرف حكمنا عليه بأنه زائد. لذلك تقول سَأَلَ، السين هذه من أحرف الزيادة، لكنها هنا أصلية، هنا أصلي، إن كانت الزيادة كاسمها يعني: حرفٌ زائدٌ على أصل الكلمة وليست تكرارًا للحرف الأصلي، وكانت من حروف «سألتمونيها» وتسمى حينئذٍ حروف الزيادة، قابلت الأصل بالأصل والزائد أنزلته كما هو في الوزن، قابلت الأصل بالأصل. يعني: لا بد أن تعرف في الكلمة التي زِيدَ فيها حرفٌ، ما هو الحرف الأصلي وما هو الحرف الزائد؟
من أجل ماذا؟ من أجل أنك إذا وزنت تقابل الأصلي بالأصلي، يعني: تقابل الفاء في الموزون بلفظ الفاء حرف الفاء، والعين بحرف العين، واللام باللام والحرف الزائد تنزله كما هو في الوزن، ولذلك يقول: أَكْرَمَ، الكاف والراء والميم أصول والهمزة زائدة، إذًا تقابل الكاف بالفاء، والراء بالعين، والميمي باللام، والهمزة كما هي تضعها في الوزن فتقول: أَكْرَمَ على وزن أَفْعَلَ.
ماذا صنعت في أَفْعَلَ؟ وضعت الهمزة كما هي نطقت بالزائد في الموزون والوزن معًا في موضعه كما هو، فتقول: أَكْرَمَ على وزن أَفْعَلَ، انْطَلَقَ، الطاء واللام والقاف أصول، والهمزة والنون زائدان، كيف تزنها؟ ان، أنزلت الحرفين الزائدين في الموزون كما هما في الوزن نقول: انْطَلَقَ على وزن انْفَعَلَ، إذًا الطاء هي فاء الكلمة، واللام هي عين الكلمة، والقاف هي لام الكلمة، والهمزة والنون زائدان وضعتهما كما هما في الوزن، انْطَلَقَ على وزن انْفَعَلَ، واضح هذا؟ اسْتَغْفَرَ اسْتَفْعَلَ اسْتَغْفَرَ غَفَرَ هذا الأصل، إذًا الغين هي فاء الكلمة، والفاء هي عين الكلمة، والراء هي لام الكلمة، واست، الذي هو الهمزة والسين والتاء هذه زوائد، حينئذٍ تنزلها كما هي في الوزن فتقول: اسْتَغْفَرَ على وزن اسْتَفْعَلَ، واضح هذا؟ هذا متى؟
إذا كان الحرف الزائد من «سألتمونيها» ليس بأصل الوضع كدَحْرَجَ وجَحْمَرِشٌ وليس بتكرار العين الحرف أصلي ولا اللام، حينئذٍ صار هذا النوع الثالث، هذه أنواع ثلاثة، هذا الأمر الثالث المتعلق بما زاد على ثلاثة أحرف.
بَقِيَ مسألة وسيتعرض لها الناظم كذلك، وهو إن كان الزائد مبدلًا من تاء افْتَعَلَ، افْتَعَلَ اصْطَلَحَ، اصْطَلَحَ وزن افْتَعَلَ، اصْطَلَحَ وزنه افْتَعَلَ، الصاد أصلية لأنه من صَلُحَ أو صَلَحَ، الصاد أصلها أصلية، واللام أصلية، والحاء أصلية، عندنا حرفان زائدان افْتَ، الهمزة والتاء، فحينئذٍ نقول: اصْطَلَحَ على وزن افْتَعَلَ كيف نقول: اصْطَلَحَ افْتَعَلَ مع كون المنطوق به في الموزون طاء، هل للأصل أن نقول: افْتَعَلَ أو افْطَعَلَ؟ على ما سبق نقول: افْطَعَلَ مثل انْطَلَقَ أليس كذلك؟
1 / 16
لكن نقول: هذا الباب باب افْتَعَلَ التَّاء قلبت طاءً لأنه إذا وقع فاء الكلمة صادًا في باب افْتَعَلَ وجب قلب التاء طاءً كما سيأتي، وسينظمها الناظم القاعدة، فحينئذٍ نقول: اصْطَلَحَ على وزن افْتَعَلَ هنا المنطوق به طاء لكننا نزنه في الوزن بالتاء ردًا إلى أصله، ولذلك قال: على وزن فَعَلَ لا تقل على وزن فَالَ، واضح؟ بَاعَ على وزن فَعَلَ ولا تقل على وزن فَالَ لماذا؟
اعتبارًا بالأصل، لأن قَالَ أصله قَوَلَ فَعَلَ، إذا رددت الألف إلى أصلها، الألف هذه مبدلةٌ عن أصل بَاعَ أصله بَيَعَ على وزن فَعَلَ، حينئذٍ تقُول بَاعَ على وزن فَعَلَ رددت العين إلى أصلها، اصْطَلَحَ الطاء هذه منقلبة عن تاء في باب افَتْعَلَ ولها قاعدة إذًا وزنه افْتَعَلَ خِلافًا للرأي القائل بأنه يوزن على وزن افْطَعَلَ.
إذًا هذا ما يتعلق بالزيادة وهي ثلاثة أنواع وضبطها يعينك على فهم ما سيأتي.
الرابع: - من ضوابط الميزان -: إن كان هناك حرفًا محذوفًا في الموزون حذف ما يقابله في الوزن، يعني عندما ميزان؟ اسمٌ عند البصريين على وزن افعٌ، افعٌ حذفت للام، أسهل من هذا، قُل على وزن فُل أين العين؟ حذفت، العين محذوفة بخلاف السابق قال: لأنه منطوقٌ به حينئذٍ تنطق به باعتبار أصله وأما إذا حذف من الموزون حذف من الوزن، فقُلْ نقول: على وزن فُلْ لماذا؟ لكون العين محذوفة، ماذا حذفت؟ فل ذكرت الفاء واللام أين العين محذوف لماذا؟ لأن قُل أصله قُولْ التقى ساكنان، الواو التي هي الكلمة واللام، حذفت الواو حذف ماذا؟ عين الكلمة إذًا تحذف من الوزن فقُل على وزن فُل، واضح هذا؟ بِعْ فِلْ ... #١.١٦.٣٦ بالكسره فِل بِيعْ هذا الأصل حذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، قاضٍ قَاضي الأصل بالياء اسم فاعل، تقول في وزنه: فاعٍ، فاعْ إذا وقفت عليها فاعْ حذفت اللام لماذا؟ لكونه محذوفًا من الموزون، فما حذف في الموزون حذف في الوزن، اسمٌ على وزن افعٌ أو افعٍ على مذهب البصريين، واعلٌ على مذهب الكوفيين لأن الاسم عند البصريين محذوف اللام أصله سِموٌ حذفت اللام التي هي الواو، إذا الواو محذوفة فحينئذٍ إذا قَدَّرْتَ في الوزن تذكر المحذوف أو نحذفه؟ القاعدة أنك تحذفه، حينئذٍ اسمٌ على وزن افعٌ بحذف اللام هذا اختصارًا، وعند الكوفيين مأخوذٌ من الوسم أو من وَسِمَ حذفت الواو التي هي فاء الكلمة، حينئذٍ تحذفها من الوزن وتقول اسمٌ على وزن اعْ أين الفاء؟ محذوفة اعلٌ اللام مذكورة على خلاف بين الكوفيين والبصريين، يَعِدُ على وزن، [يَعِدُ على وزن .. نعم] أين الفاء؟ حُذفت، يَعِدُ أصلٌ من وَعَدَ أين الواو؟ محذوفة، وَعَدَ يَوْعِدُ حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها الكسرة والياء يَوعِ، إذًا تحذفها من الوزن فتقول: يَعِدُ، لأن الفعل المضارع يَعِدُ حذفت الواو فحينئذٍ تقول الوزن باعتبار الفعل بعد الحذف فتقول: يَعِدُ على وزن يَعِلُ بحذف الفاء، عِدةَ مصدر على وزن عِلَة.
الحاصل أن القاعدة في الميزان تحذف في الوزن ما حذفته في الموزون، واضح هذا؟ تحذف في الوزن ما تحذفه في الموزون، هذا ما يتعلق بمقدمة # ... ١.١٩.١٩ في بيان الميزان الصرفي.
1 / 17
ونشرع بعد المغرب إن شاء الله تعالى في المتن وبهذا في قدر كفاية، حاول تحفظ هذا قبل المغرب، قصر ميزان الصرف، وحد الفعل لأنه إذا ضبطته تضبط ما سيأتي، وكما ذكرنا علم الصرف علمٌ يحتاج إلى حفظ.
[أسئلة:]
- نظم المقصود هذا كتاب للمبتدئين ما هو كتاب الذي يفيد المتوسطين والمنتهيين؟ على كلٍ المشهور المقصود مثلًا أو اللامية لمن اختار اللامية - كما ذكرنا هذه ليست توقيفية -، ثم إن كان حفظ الصرف من ألفية ابن مالك رحمه الله تعالى ينظر ما زاده ابن الحاجب في «الشافية» أو في نظمها للنيساري ويكمل النقص الذي تركه ابن مالك ﵀، ويكتفي بهذا، ثم يكون الباقي مراجع، يعني شروحات «الشافية» كثير منها قد لا يحتاجه طالب العلم الشرعي المتخصص في العلوم الشرعية، قد يحتاجه المتخصص في فن الصرف قد يحتاجه، ينظر في شرح الرضي .. إلى آخره الجاربردي، لكن طالب العلم الشرعي «الشافية» وإذا حفظ النظم يختار ما زاد على ابن مالك رحمه الله تعالى، ثم يعتكف على شرح الجاربردي، الجاربردي أرى أنه متوسط، وهو مفيد جدًا لطالب العلم، ويكتفي بهذا، يعني العلم ليس بذاك الطويل وليس بذاك القصير، و«الشافية» كافية.
- كتب تكون لطالب العلم مراجع عند الإشكال في فن الصرف؟
شروحات الألفية فيما يتعلق بالصرف، وكذلك كل ما يتعلق بـ ... «الشافية» لأنها محصورة، يعني كما مر معنا في «جمع الجوامع» كتاب يعتبر خلاصة خزانة لفن الأصول، كذلك «الشافية» بشروحاتها تعتبر خزانة لهذا الفن، وأنت طالب علم شرعي كما ذكرنا تحتاج ما تحتاجه في العلم الشرعي وما عداه يبقى على ..
- ما فائدة وميزة هذه الكلمة «سألتمونيها» ولماذا سميت الحروف الزائدة؟ زائدة لأنها تسمية بمعنى أن صرف الصرفيين وجدوا - وهذا سيأتي إن شاء الله تعالى - أن الكلمة قد تكون مؤلفة من حروفٌ أصلية وقد يُزاد عليها، حينئذٍ بالاستقراء والتتبع نظروا ما هو الزائد وما هو الأصلي، وجدوا أن الزائد لا يكون إلا واحدًا من هذه الحروف، كما استقرأوا أن الكلمة ثلاثة أقسام، وعلامات الاسم، وعلامات الفعل، وأن الحرف لا يقبل .. إلى آخره، وجدوا أن كل كلمةٍ في لسان العرب إذا وجد فيها حرفٌ زائد لا يخرج عن هذه، ثم جمعها اختلفوا فيه مثل «أليت»، ... و«نأيت» إلى آخره كذلك «سألتمونيها»، الأمر يعني: اصطلاح فقط. والله أعلم.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 / 18
عناصر الدرس
* مقدمة الناظم.
* أبواب الثلاثي المجرد باعتبار مضارعه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
يَقُوْلُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ ... مُصَلِّيًا عَلَى النَِّبيْ وَالآلِ
عَبْدٌ أَسِيْرُ رَحْمَةِ الكَرِيمِ ... أَيْ أَحْمَدُ بْنُ عَابِدِ الرَّحِيْمِ
بدأ بالبسملة على ما هو معتادٌ عند أهل العلم وأرباب التصريف أن يبدؤوا المصنفات بالبسملة طلبًا للبركة والاستعانة بالله ﷿، (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أنظم، أي: أستعين بالله تعالى، والباء حينئذٍ تكون للاستعانة وسبق الكلام مفصلًا مجملًا على البسملة وما يتعلق بها، ثم قال الناظم رحمه الله تعالى:
يَقُوْلُ بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ ... مُصَلِّيًا عَلَى النَِّبيْ وَالآلِ
عَبْدٌ ................... ... ...........................
(عَبْدٌ) هذا فاعل يقول، (يَقُوْلُ) فعل مضارع مرفوع وفاعله (عَبْدٌ)، (بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ)، (بَعْدَ حَمْدِ)، (بَعْدَ) ظرف زمان كثيرًا أو مكانٍ قليل، يعني: يعتبر بهذا وذاك، تأتي زمانية وتأتي مكانية، وهو ظرفٌ مبهم لا يفهم معناه إلا بالإضافة لغيره على ما هو مشهورٌ، (بَعْدَ حَمْدِ) هنا بالنص (بَعْدَ) يقول: (بَعْدَ) متعلق بيقول وهو الناصب له، (بَعْدَ حَمْدِ) بعد مضاف وحمد مضافٌ إليه إضافة لامية لأنها لا تصح أن تكون بمعنى: من ولا بمعنى: في، (بَعْدَ حَمْدِ) والحمد هنا مصدر حَمِدَ يَحَمَدُ حَمْدًا، والْحَمْدُ هو ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله، كأنه حَمِدَ الله تعالى بعد البسملة، وهذا هو الشأن أن يجمع بين البسملة والحمدلة، (بَعْدَ حَمْدِ ذِي الجَلاَلِ) يعني بعد حمدي أنا، والفاعل محذوف و(حَمْدِ) مضاف، و(ذِي الجَلاَلِ)، (ذِي) مضافٌ إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله إضافة لامية، (حَمْدِ) أنا (ذِي الجَلاَلِ) هذا الأصل فيه، (ذِي) بمعنى الصاحب وهي من الأسماء الستة، و(حَمْدِ ذِي) كذلك الإضافة لامية، و(ذِي) مضاف، و(الجَلاَلِ) مضافٌ إليه، مصدر جَلَّ الشيء يَجِلُّ عَظُمَ، يَجِلُّ بالكسر جَلَّ يَجِلُّ بالكسر عَظُمَ، فهو جَلِيلٌ، وجلالة الله تعالى عظمته.
2 / 1