الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
(١) التقليد: هو (التزام المكلفِ في حكم شرعي مذهبَ مَن ليس قولهُ حجة في ذاته) أو هو قبول قول القائل من غير معرفة لدليله، أو الرجوع إلى قول لا حُجة لقائله عليه. والمقلد: هو الذي يقلد شخصا بعينه، في جميع أقواله أو أفعاله، ولا يرى أَن الحق يمكن أَن يكون فيما عداه، ومن غير أَن يعرف دليله، ولا يخرج عن أقواله، ولو ثبت له عكس ذلك، ولا خلاف بين أهل العلم أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم. ولقد ذم الله- ﷿ التقليد ونهى عنه في كثير من الآيات، فقال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئا وَلَا يَهْتَدُونَ المائدة: ١٠٤. وعلماء السلف والأئمة المجتهدون جميعا نهوا عن التقليد، لأن التقليد أَحد أَسباب الضعف والتنازع بين المسلمين، والخير في الوحدة والاتباع والرجوع في الخلاف إلى الله وإلى رسوله ﷺ ولذلك لم نرَ الصحابة ﵃ يقلدون أحدا منهم بعينه في جميع المسائل، وكذلك الأئمة الأربعة- ﵏ لم يتعصبوا لآرائهم وكانوا يتركون آراءهم لحديث رسول الله- ﷺ وينهون غيرهم عن تقليدهم دون معرفة أدلتهم. قال الإمام أبو حنيفة ﵀: (إِذا صح الحديث فهو مذهبي) وقال: (لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه) . وقال الإمام مالك ﵀: (إِنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه) . وقال الإمام الشافعي ﵀: (كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله ﷺ عند أهل النقل بخلاف ما قلت؛ فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي) . وقال الإمام أحمد ﵀: (لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا) . وأقوالهم في هذا الباب كثيرة، لأنهم كانوا يفقهون معنى قوله تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ سورة الأعراف: الآية، ٣.
1 / 155