المعجم الجامع في تراجم المعاصرين

مجموعة من المؤلفين ت. غير معلوم
64

المعجم الجامع في تراجم المعاصرين

تصانيف

الشيخ حماد الأنصاري هو الشيخ حماد بن محمد الأنصاري الخزرجي السعدي - نسبة إلى سعد بن عبادة - الصحابي الجليل -، ولد سنة ١٣٤٣ هـ ببلدة يقال لها (تاد مكة) في مالي بأفريقيا. كانت علامات النجابة باديةُ عليه منذ الصغر، محبًا للعلم، حيث نشأ عند عمه الملقب بالبحر لسعة علمه ودقة فهمه، حيث حفظ القرآن مبكرًا وعمره ثمان سنوات، وعلوم الآلة، وكذلك الحديث، والكثير من المتون والمنظومات قبل سن الرشد، فقد كان يحفظ (الملحة) للحريري، و(الكافية والالفية) لابن مالك، و(الالفية) للسيوطي، و(جمع الجوامع) للسبكي، والمعلقات السبع وقصائد العرب،،، وغيرها. خرج من بلده، مهاجرًا بسبب الإستعمار الفرنسي. وكان عمره إحدى وعشرون سنة، فتوجه إلى الحرمين، فلما حط رحاله في الحرم المكي، أخذ ينهل من العلم في حلقات المسجد الحرام، وكان من شيوخه فيها، الشيخ حامد الفقي، والشيخ عبد الله المشاط، والشيخ محمد أمين الحلبي .... وما لبث حتى أذن له الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ بالتدريس في حلقات الحرم المكي. ثم انتقل ﵀ إلى المدينة المنورة، والتحق بدار العلوم، ودَرَسَ على عدد من العلماء فيها، منهم: محمد الحافظ، وعمر بري، وعبده خديع، وغيرهم ... ثم رجع إلى مكة، وفي موسم الحج، حصل لقاء مع الشيخ عبد اللطيف بن ابراهيم والشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ، فأشارا عليه بالذهاب إلى الرياض، فذهب، وأصبح يُدَرِّس في كلية الشريعة، ثم انتقل إلى معهد إمام الدعوة العلمي، ثم عاد إلى الكلية، ثم نُقل إلى الجامعة الاسلامية بالمدينة. وقد اشتهر ﵀ بحبه للعلم وطلابه، حيث كان يقضي غالب وقته في المذاكرة معهم، وكان مقصد الكثير من العلماء وطلاب العلم في بيته العامر بالمدينة المورة، حيث يجدون عنده بغيتهم، وكانت مكتبته مشهورة لدى طلاب العلم باحتوائها على المراجع والمصنفات في شتى فنون الشريعة، وكان ييسر لهم ما يريدون من الكتب بتصويره لهم، وكن ﵀ يهتم بجمع المخطوطات خصوصًا في علم الحديث، وقد كان له الفضل بعد الله في طباعة الكثير من كتب الحديث وإخراجها لطلاب العلم، ويقدر عدد الكتب في مكتبته بأكثر من ثلاثة آلاف مجلد أغلبها في علم الحديث. هذا وقد تتلمذ على يديه ﵀ جمع غفير من طلاب العلم والمشايخ، ونذكر منهم: (الشيخ عبد الله بن جبرين، الشيخ بكر أبو زيد، والشيخ ربيع بن هادي، والشيخ صالح العبود، والشيخ صالح آل الشيخ، والشيخ علي الفقيهي، والشيخ صالح السحيمي، والشيخ عطية سالم (قرأ عليه في النحو)، والشيخ محمد بن ناصر العجمي من الكويت، والشيخ عبد الرزاق البدر، والشيخ عمر فلاته، وغيرهم من كبار طلاب العلم..... وقد ترك ﵀ إرثًا عظيمًا من المؤلفات في فنون مختلفة، فمنها: في النحو (الأجوبة الوفية عن أسئلة الألفية) وفي العقيدة، كتاب (أبو الحسن الأشعري وعقيدته) ومنها في الفقه (تحفة السائل عن صوم المرضع والحامل) وفي الحديث (إتحاف ذوي الرسوخ بمن دلس من الشيوخ) وكتاب (سبيل الرشد في تخريج أحاديث بداية ابن رشد) والكثير من المؤلفات النفيسة التي يحرص طلاب العلم على اقتنائها والإفادة منها، وقد شارك ﵀ في جمع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية مع ابن قاسم ﵀. من أقواله وأحواله ﵀ ذكرها إبنه عبد الأول الأنصاري: قال ﵀: (كنت كلما رأيت مخطوطةً نسختها) وقال: (كنت في شبابي أقرأ وأكتب إلى الفجر، ولا أنام إلا شيئًا قليلًا من الظهر) وقال: (أعطيت الجامعة الإسلامية أربعمائة مخطوط، بعضها بخطّي) وقال: (الكتب عندي أفضل من قصور الملوك) وقال: (عندي إجازات في كل علم حتى في الهندسة!) وقال: (كنا لا ندرس شيئًا من العلم حتى نحفظه) قال ابنه عبد الأول: كان كثيرًا ما يجلس في صالة المنزل قبل الظهيرة وبعدها، ويأخذ أي كتاب من مكتبته، ويقرأ بصوتٍ عالٍ على طريقة أهل بلده، وكان لها نغمة خاصة. وقال ﵀: (أخذت في مكتبة الحرم سبع سنوات أنسخ المخطوطات، ولم يكن هناك تصوير) وكان يقول: (أنا لست بمفتي، أنا خادم طلبة العلم) ولما أرادوا فتح جامعة إسلامية أشار على الشيخ محمد بن ابراهيم أن تكون في المدينة، وقال: (سبق وأن كانت في المدينة جامعة إسلامية ألا وهي أبو بكر ﵁، يمثل العرب، وبلال يمثل الحبشة، وهكذا..) وقال: (كان لي شيخ يقول لي: لا بد أن تسافر إلى نجد فإنك إذا عشت معهم كأنك تعيش مع الصحابة) - لكثرة العلماء فيها وصفاء معتقدهم. وقال: (أيامي في الرياض، كانت الأيام الذهبية) ومن وصاياه وحِكَمِه ﵀: قوله: (ما أكثر ما كُتِب وما أقلّ ما قُرئ) وقوله: (أنا لاحظت طلبة العلم في هذا العصر لا يتذاكرون) وقال لبعض الطلبة: (خذوا كتاب ابن جماعة في آداب السامع والمتعلم، واقرأوا كل يوم فصلًا منه) وقال ﵀: (إن طلبة العلم اليوم شَغَلَهُم العدو – أي الكفار – عن الطلب، وأن طلب العلم واجب عليهم في هذا الوقت) وقال عن النساء (إنهن في هذا الزمان امتزن بالنشاط والاستعداد للبحث) وقال عن الدعوة (إنها ميدان لا ينبغي أن يدخل فيه إلا أهل البصيرة) وقال ﵀ (على العلماء أن يُحدِّثوا الناس بما يعقلون، وأن لا يُدخلوهم في المتاهات) وقال عن جماعة الإخوان المسلمين: (لا تقربوهم، فكل ما عندهم شُبَه) وقال: (إن هذا العصر مريب، وخاصة بعد فتنة الحرم، وأنا أعمل بالحديث الضعيف " احترسوا من الناس بسوء الظن " وأنا أتحفظ كثيرًا من أهل هذا العصر وبالأخص من الشباب) وقال عن علم النفس: (يسمونه تربية وأنا أسميه "تردية ") وقال لطالب علم: (لا تكثر قراءة الكتب التي فيها الشذوذ العلمي) وقال عن فتنة الخليج: (إنها أحدثت سكونًا وكسلًا بين طلاب العلم) وقال عن الصحوة التي تُذكر في هذا الزمان (هذه ليست صحوة، بل غفلة عن طلب العلم) ومناقبه ﵀ وفضائلة كثير لا حصر لها. هذا وقد توفي الشيخ حماد ﵀ في يوم الاربعاء ٢١ \ ٦ \ ١٤١٨هـ بعد مرض لازمه عدة أشهر، وصُلّيَ عليه في المسجد النبوي الشريف بعد صلاة العصر، وأم المصلين الشيخ عبد الباري الثبيتي، وشيَّعه جمع غفير لا يُحصون من طلبة العلم والمشايخ. فرحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا به في مقعد صدق عنده سبحانه إنه جواد كريم، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الترجمة، مستقاة من كتاب (المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد الأنصاري) تأليف وجمع: عبد الأول بن حماد الأنصاري.

1 / 64