الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء
الناشر
دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
المقَدِّمَة
الحمد للَّه القائل: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) في تنزيله، والذي جعل أصدق القول في قيله، وأحسن الهدي هدي رسوله، وأشهد أن لا إله إلا هو لا منتهى لتبجيله، وعلمه وتفصيله، وكتابه وتأويله، وأشهد أن محمدًا قد اصطفاه على خلقه بالرسالة لسائر العوالم، ومبلغ المعالم، بإتمام المكارم، وإبطال المظالم، وإحكام القواعد، وإرساء الأوابد، بشيرًا ونذيرًا، وسراجًا منيرًا، فأدَّى وبلَّغ، وأتم فأبلغ.
فلم يكن لمتبعيه عن هديه تحويلًا، وعن الثابت من قوله محيلًا، إلا
ببرهان بين، وصارف من الدليل متعين، بعد أن لزمتهم الحجة في قوله تعالى
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦).
وإن الواقفين على أحاديث النبي ﷺ التي في الأحكام، وشرائع الإسلام، وعلى فتاوى العلماء، والمجتهدين والفقهاء، ما يجدون من مقبول حديثه مطروحًا، ولا من متروك صحيحه إلا مقدوحًا، قد ظهرت صحته، وخفيت علته.
والمطلعون على علل الأخبار، وضعيف الآثار، يعلمون أن المفتين قد أفتوا وعملوا بالضعيف المردود، بل الواهي والمسرود، هو واقع في مسائلهم؛ بعضهم أكثر من بعض، بحسب ما لهم في هذه الصنعة من علوم
1 / 5