الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء
الناشر
دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
علمنا في الجملة وجوب الانقياد للنبي ﷺ فيما يخبرنا به من مصالحنا ودفع المضار عنا.
فإذا ظننا بخبر الواحد، أن النبي ﷺ قد دعانا للانقياد له في فعل أخبر أنه مصلحة وخلافه مضرة، فقد ظننا تفصيل ما علمناه في الجملة، يوجب العمل به.
قال الآمدي:
ولقائل أن يقول: أما أولًا، فلا نسلم وجوب العمل بخبر الواحد في العقليات، بل غايته إذا ظننا صدقه، أن يكون العمل بخبره أولى من تركه، وكون الفعل أولى من الترك، أمر أعم من الواجب لشموله للمندوب، فلا يلزم منه الوجوب.
قلت: قول الآمدي: ". . . العمل بخبره أولى من تركه. . . لشموله للمندوب، فلا يلزم منه الوجوب " منقوض بسائر المسائل التي لا يسع القول بالندب فيها مجالًا. أو التي لا يمكن أن تكون إلا ندبًا أصلًا.
مثال الأول الأحاديث التي تخبر عن فرضية الغسل للجمعة مثلًا، فإن ندب الاغتسال لها ثابت عند سائر الفقهاء، وإحالة أحاديث الفرض على الندب فيه إهمال لأنه أبطل الخبر الزائد فيه إبطالًا تامًا.
ومثال الثاني أحاديث ندب وضع اليدين على الصدر في الصلاة، أو تحريك الأصبع في التشهد ونحوها من أحاديث الندب، فإن القول فيها بالندب على رأي الآمدي هو إعمال تام للخبر، فيرد عليه فيه.
وذلك أن قولنا بوجوب العمل بخبر الواحد لا يعني منه أحاديث الفرض فقط، بل المستحبات، وكذلك المحرمات والمكروهات. فإذا تأملت هذا علمت اضطراب قوله في سائر الأحاديث التي تفيد إما الاستحباب وإما الكراهة حسب، دون التحليل أو التحريم، ولا الفرائض.
1 / 20