التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه
تصانيف
وهذا قد استدل به على وجوب الوضوء من القيء، ولا يدل على ذلك، فإنه إذا أراد بالوضوء الوضوء الشرعي (١) فليس فيه إلا أنه توضأ، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، بل يدل على أن الوضوء من ذلك مشروع، فإذا قيل: إنه مستحب كان فيه عمل بالحديث.
وكذلك ما روي عن بعض الصحابة من الوضوء من الدم الخارج، ليس في شيء منه دليل على الوجوب، بل يدل على الاستحباب.
وليس في الأدلة الشرعية ما يدل على وجوب ذلك، كما قد بسط في موضعه، بل قد روى الدارقطني وغيره عن حميد عن أنس قال: احتجم رسول الله ﷺ ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه.
ورواه ابن الجوزي في حجة المخالف ولم يضعفه، وعادته الجرح بما يمكن.
وأما الحديث الذي يروى: «ثلاث لا تفطر: القيء، والحجامة، والاحتلام» . وفي لفظ: «لا يفطرن، لا من قاء، ولا من احتلم، ولا من احتجم»، فهذا إسناده الثابت: ما رواه الثوري وغيره، عن زيد بن أسلم، عن رجل من أصحابه، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: قال رسول الله ﷺ هكذا، رواه أبو داود، وهذا الرجل لا يعرف، وقد رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ، لكن عبد الرحمن ضعيف عند أهل العلم بالرجال.
قلت: روايته عن زيد من وجهين مرفوعا لا يخالف روايته المرسلة، بل يقويها، والحديث ثابت عن زيد بن أسلم؛ لكن هذا فيه: «إذا ذرعه القيء» .
_________
(١) قول المؤلف: «إذا أراد بالوضوء الوضوء الشرعي»: أفاد بأن هناك وضوءا ليس شرعيا، وهو الوضوء اللغوي، وهو النظافة، ولكن لدينا قاعدة مهمة، وهي أن ألفاظ الشرع تحمل على الحقائق الشرعية، والحقيقة الشرعية للوضوء أنه التطهر المعروف، ولكن يمنع القول بوجوب الوضوء من القيء ما ذكره الشيخ ﵀ أن هذا فعل مجرد، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب.
1 / 7